الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          5057 - (خت م 4) : محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، [ ص: 406 ] ويقال : ابن كوثان، المدني، أبو بكر. ويقال : أبو عبد الله القرشي المطلبي، مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، وكان جده يسار من سبي عين التمر .

                                                                          رأى أنس بن مالك، وسالم بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب.

                                                                          وروى عن : أبان بن صالح (خت 4) ، وأبان بن عثمان بن عفان ، وإبراهيم بن عبد الله بن حنين (م) ، وإبراهيم بن عقبة (د) ، وإبراهيم بن مهاجر (س) ، وأبيه إسحاق بن يسار (مد) ، وإسماعيل ابن أمية (د) ، وإسماعيل بن أبي حكيم (د) ، وأيوب بن موسى القرشي (د) ، وأيوب السختياني (ق) ، وبشير بن يسار (خت) ، وبكير بن عبد الله بن الأشج ، وثور بن يزيد الرحبي (د ق) ، وجعفر بن عمرو بن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، وجعفر بن محمد بن علي ، وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس (ق) ، وحصين بن عبد الرحمن الأشهلي (صد) ، وحفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك (ت) ، وحكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف [ ص: 407 ] (س) ، وحميد الطويل ، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري (د) ، وخطاب بن صالح بن دينار الظفري (د) ، وداود بن الحصين (بخ 4) ، وروح بن القاسم ، وزياد بن أبي زياد (تم) ، وسالم أبي النضر (س) ، وسالم المكي (د) ، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف (خت) ، وسعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة (س) ، وسعيد بن أبي سعيد المقبري (م) ، وسعيد بن عبيد بن السباق (د ت ق) ، وسعيد بن أبي هند (س ق) ، وسلمة بن صفوان الزرقي (ق) ، وسليط بن أيوب الأنصاري (د) ، وسليمان بن سحيم (د ق) ، وسليمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي (مد) ، وشعبة بن الحجاج ، وصالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (خت) ، وصالح بن كيسان (س) ، وصدقة بن يسار (د) ، والصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب (د ت) ، وأبي سفيان طلحة بن نافع (ق) ، وعاصم بن عمر بن قتادة (4) ، وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت (س ق) ، وعباس بن سهل بن سعد الساعدي (ي د) ، وعباس بن عبد الله بن معبد بن عباس (د) ، وعبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري (د) ، وعبد الله بن أبي [ ص: 408 ] بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (م 4) ، وأبي الزناد عبد الله بن ذكوان (خت ت ق) ، وعبد الله بن أبي سلمة (د س) ، وعبد الله بن طاوس (د) ، وعبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام (د) ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين (ت) ، وعبد الله بن الفضل ، وعبد الله بن مكنف (ق) ، وعبد الله بن أبي نجيح (خت د ق) ، وعبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي (خت د ت ق) ، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (د ق) ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج (ر) ، وعمه عبد الرحمن بن يسار ، وعبد السلام بن أبي الجنوب (ق) ، وأبي أمية عبد الكريم بن أبي المخارق البصري (ق) ، وعبيد الله بن عبد الله بن الحصين الأنصاري (س) ، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (م 4) ، وعبيد الله بن المغيرة (ق) ، وعتبة بن مسلم (د سي) ، وعثمان بن أبي سليمان (د) ، وعطاء بن أبي رباح (د س ق) ، وعكرمة بن خالد المخزومي (خت) ، وعلي بن يحيى بن خلاد الأنصاري (د) ، وعمارة بن عبد الله بن طعمة المديني (د) ، وعمر بن حسين المكي (ف) ، وعمرو بن شعيب (بخ 4) ، وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب (س) ، وعمرو بن ميمون بن مهران (د) ، وعمران بن أبي أنس (س) ، والعلاء بن عبد الرحمن (ر) ، وعيسى بن عبد الله بن مالك الدار (سي ق) ، وعيسى بن معقل بن أبي معقل الأسدي (د) ، وعيسى بن معمر (د) ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي (بخ س) ، ومحمد بن أبي [ ص: 409 ] أمامة بن سهل بن حنيف (د ق) ، ومحمد بن جعفر بن الزبير (د ت ق) ، ومحمد بن الزبير الحنظلي (س) ، ومحمد بن السائب الكلبي (ت) ، ومحمد بن طلحة بن عبد الله التيمي (ق) ، ومحمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة (د ص ق) ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة (س ق) ، وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، ومحمد بن عمرو بن عطاء (بخ د ت ق) ، ومحمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت (د) ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (خت د) ، ومحمد بن المنكدر (تم) ، ومحمد بن الوليد بن نويفع المدني (د) ، ومحمد بن يحيى بن حبان (د س ق) ، والمطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة (ت) ، ومعبد بن كعب بن مالك (خد ق) ، ومعمر بن عبد الله بن حنظلة (د) ، ومكحول الشامي (ر 4) ، وعمه موسى بن يسار (بخ) ، وموسى بن فلان بن أنس بن مالك (ت ق) ، ونافع مولى ابن عمر (خت م 4) ، ونبيه بن وهب (فق) ، ونوح بن حكيم الثقفي (د) ، وهشام بن عروة (د س) ، ووهب بن كيسان (خت) ، ويحيى بن سعيد الأنصاري (م) ، ويحيى بن أبي سفيان الأخنسي (ق) ، ويحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير (ر د ت ق) ، ويحيى بن عروة بن الزبير (خت د) ، ويزيد بن أبي حبيب المصري (بخ م 4) ، ويزيد بن رومان (د س ق) ، ويزيد بن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش (ت) ، ويزيد بن عبد الله بن قسيط (بخ د ص) ، ويزيد بن محمد بن خثيم المحاربي (ص) ، ويعقوب بن عبد الله بن الأشج (س ق) ، ويعقوب بن عتبة الثقفي (د س ق) ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وأبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة (د) ، وأبي عبيدة بن محمد بن [ ص: 410 ] عمار بن ياسر (تم) ، وأبي مالك الأشجعي (د) ، وأبي منظور الشامي (د) ، وبعض ولد محمد بن مسلمة الأنصاري (د) ، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير (ق) .

                                                                          روى عنه : إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (خت م د س) ، وأحمد بن خالد الوهبي (ر 4) ، وجرير بن حازم وجرير بن عبد الحميد (ت س) وحفص بن غياث ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة (عخ) ، وزهير بن معاوية الجعفي (ق) ، وزياد بن عبد الله البكائي (عخ) ، وسعدان بن يحيى اللخمي (ق) ، وسعيد بن بزيع ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وسلمة بن الفضل الرازي (د ت) ، وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر (ت س) ، وشريك بن عبد الله ، وشعبة بن الحجاج ، وعبد الله بن إدريس (د س) ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند (س) ، وعبد الله بن عون ، وعبد الله بن نمير ، وعبد الله بن يزيد بن الصلت الشابي ، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى (ر م د ق) ، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط (ي) ، وأبو زهير عبد الرحمن بن مغراء (د ق) ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وعبدة بن سليمان الكلابي (بخ م د ت ق) ، ومحمد بن سلمة الحراني (ر 4) ، ومحمد بن عبيد الطنافسي (د ق) ، ومحمد بن أبي عدي ، ومحمد بن فضيل (س) ، ومحمد بن يزيد الواسطي (تم س) ومندل بن علي (ق) ، وموسى بن أعين (ق) ، وكاتبه هارون بن أبي عيسى (س) ، وهارون بن موسى النحوي (فق) ، وهشيم بن بشير (ت) ، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله (ر) ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة (د) ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهو من شيوخه، ويحيى بن سعيد الأموي ، ويحيى بن [ ص: 411 ] محمد بن عباد بن هانئ الشجري (ت) ، وأبو تميلة يحيى بن واضح (بخ ق) ، وأبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي (ق) ، ويزيد بن أبي حبيب المصري وهو من شيوخه، ويزيد بن زريع (س) ، ويزيد بن هارون (ر م) ، ويعلى بن عبيد الطنافسي (د س ق) ، ويونس بن بكير الشيباني (ر د ت ق) .

                                                                          قال مصعب بن عبد الله الزبيري : يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب جد محمد بن إسحاق صاحب "المغازي" من سبي عين التمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق.

                                                                          وقال سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق : رأيت أنس بن مالك عليه عمامة سوداء، والصبيان يشتدون ويقولون : هذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يلقى الدجال .

                                                                          وقال محمد بن حميد الرازي، عن جرير بن عبد الحميد : رأيت محمد بن إسحاق يخضب بالسواد.

                                                                          وقال المفضل بن غسان الغلابي : سألت يحيى بن معين عن محمد بن إسحاق، فقال : كان ثقة، وكان حسن الحديث، فقلت : إنهم يزعمون أنه رأى سعيد بن المسيب، فقال : إنه لقديم.

                                                                          [ ص: 412 ] وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : قد سمع محمد بن إسحاق من أبان بن عثمان، وسمع من عطاء، وسمع من أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسمع أيضا من القاسم بن محمد.

                                                                          وقال في موضع آخر : وسمع من مكحول، وسمع من عبد الرحمن بن الأسود.

                                                                          وقال علي ابن المديني : مدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ستة، فذكرهم، ثم قال : فصار علم الستة عند اثني عشر، أحدهم محمد بن إسحاق.

                                                                          وقال نعيم بن حماد، عن سفيان بن عيينة : رأيت الزهري أتاه محمد بن إسحاق فاستبطأه فقال له : أين كنت؟ فقال له محمد بن إسحاق : وهل يصل إليك أحد مع حاجبك؟ قال : فدعا حاجبه، فقال له : لا تحجبه إذا جاء.

                                                                          وقال أيضا : قال ابن عيينة : قال أبو بكر الهذلي : سمعت الزهري يقول : لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق.

                                                                          وقال علي ابن المديني : سمعت سفيان يقول : قال ابن [ ص: 413 ] شهاب ، وسئل عن مغازيه، فقال : هذا أعلم الناس بها، يعني ابن إسحاق.

                                                                          وقال حرملة بن يحيى ، عن الشافعي : من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق.

                                                                          وقال أحمد بن أبي خيثمة : سألت يحيى بن معين عن محمد بن إسحاق فقال : قال عاصم بن عمر بن قتادة : لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن إسحاق.

                                                                          وقال أحمد بن أبي خيثمة أيضا : حدثنا هارون بن معروف ، قال : سمعت أبا معاوية يقول : كان ابن إسحاق من أحفظ الناس، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر جاء فاستودعها محمد بن إسحاق، قال : احفظها علي فإن نسيتها كنت قد حفظتها علي.

                                                                          وقال أبو جعفر النفيلي ، عن عبد الله بن فائد : كنا إذا جلسنا إلى محمد بن إسحاق فأخذ في فن من العلم قضى مجلسه في ذلك الفن.

                                                                          وقال أبو الحسن الميموني : حدثنا أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل بحديث استحسنه عن محمد بن إسحاق، فقلت له : [ ص: 414 ] يا أبا عبد الله ما أحسن هذه القصص التي يجيء بها ابن إسحاق! فتبسم إلي متعجبا.

                                                                          وقال صالح بن أحمد بن حنبل، عن علي ابن المديني : سمعت سفيان وسئل عن محمد بن إسحاق، قيل له : لم لم يرو أهل المدينة عنه؟ قال سفيان : جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ولا يقول فيه شيئا.

                                                                          قلت لسفيان : كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر؟ فقال : أخبرني ابن إسحاق أنها حدثته، وأنه دخل عليها.

                                                                          وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : سمعت هشام بن عروة يقول : يحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، والله إن راها قط! قال عبد الله بن أحمد : فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق فقال : ولم ينكر هشام، لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له أحسبه قال : ولم يعلم.

                                                                          وقال أبو بكر الأثرم : سألته - يعني أحمد بن حنبل - عن محمد بن إسحاق كيف هو؟ فقال : هو حسن الحديث.

                                                                          وقال : [ ص: 415 ] قال مالك وذكره، فقال : دجال من الدجاجلة.

                                                                          وقال الحافظ أبو بكر الخطيب : قد ذكر بعض العلماء أن مالكا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة، واحتج بما أخبرني البرقاني، قال : حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الآدمي، قال : حدثنا محمد بن علي الإيادي، قال : حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، قال : حدثني أحمد بن محمد البغدادي، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال : حدثنا محمد بن فليح، قال : قال لي مالك بن أنس : هشام بن عروة كذاب.

                                                                          قال أحمد بن محمد : فسألت يحيى بن معين . فقال : عسى أراد في الكلام، فأما في الحديث فهو ثقة، وهو من الرواة عنه، قال : وقال إبراهيم بن المنذر : حدثني عبد الله بن نافع قال : كان ابن أبي ذئب، وعبد العزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمد بن إسحاق يتكلمون في مالك بن أنس، وكان أشدهم فيه كلاما محمد بن إسحاق ، كان يقول : ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه، أنا بيطار كتبه.

                                                                          قال الحافظ أبو بكر : أما كلام مالك في ابن إسحاق فمشهور غير خاف على أحد من أهل العلم، وأما حكاية ابن فليج عنه في هشام بن عروة فليست بالمحفوظة إلا من الوجه الذي ذكرناه، [ ص: 416 ] وراويها عن إبراهيم بن المنذر غير معروف عندنا، فالله أعلم.

                                                                          قال : وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها : أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه.

                                                                          وقال البخاري : رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق.

                                                                          قال : وقال علي عن ابن عيينة : ما رأيت أحدا يتهم ابن إسحاق.

                                                                          قال : قال لي إبراهيم بن المنذر : حدثنا عمر بن عثمان أن الزهري كان يتلقف المغازي من ابن إسحاق فيما يحدثه عن عاصم بن عمر بن قتادة، والذي يذكر عن مالك في ابن إسحاق لا يكاد يبين، وكان إسماعيل بن أبي أويس من أتبع من رأينا لمالك، أخرج إلي كتب ابن إسحاق، عن أبيه في المغازي وغيرها، فانتخبت منها كثيرا.

                                                                          قال : وقال لي إبراهيم بن حمزة : كان عند إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام سوى المغازي، وإبراهيم بن سعد من أكثر أهل المدينة حديثا في [ ص: 417 ] زمانه.

                                                                          ولو صح عن مالك تناوله من ابن إسحاق فلربما تكلم الإنسان فيرمي صاحبه بشيء واحد ولا يتهمه في الأمور كلها.

                                                                          قال : وقال إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح : نهاني مالك عن شيخين من قريش وقد أكثر عنهما في "الموطأ" وهما ممن يحتج بهما، ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم، نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي، وكلام الشعبي في عكرمة، وفيمن كان قبلهم، وتأويل بعضهم في العرض والنفس، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة، ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة، والكلام في هذا كثير .

                                                                          قال : وقال عبيد بن يعيش : حدثنا يونس بن بكير ، قال : سمعت شعبة يقول : محمد بن إسحاق أمير المحدثين بحفظه.

                                                                          قال : وروى عنه الثوري، وابن إدريس، وحماد بن زيد، ويزيد بن زريع، وابن علية، وعبد الوارث، وابن المبارك، وكذلك احتمله أحمد ويحيى بن معين وعامة أهل العلم.

                                                                          وقال لي علي بن عبد الله : نظرت في كتب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين.

                                                                          قال : وقال لي بعض أهل المدينة : إن الذي يذكر عن هشام بن عروة قال : كيف يدخل ابن إسحاق على امرأتي، لو صح عن هشام، جائز أن تكتب إليه؛ فإن أهل المدينة يرون الكتاب جائزا؛ [ ص: 418 ] لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السرية كتابا وقال له : لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا، فلما بلغ فتح الكتاب وأخبرهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم بذلك.

                                                                          وكذلك الخلفاء والأئمة يقضون بكتاب بعضهم إلى بعض، وجائز أن يكون سمع منها وبينهما حجاب وهشام لم يشهد.

                                                                          إلى هنا عن البخاري.

                                                                          وقال أبو زرعة الدمشقي : ومحمد بن إسحاق رجل قد اجتمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه، منهم : سفيان، وشعبة، وابن عيينة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد.

                                                                          وروى عنه من الأكابر : يزيد بن أبي حبيب، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا مع مدح ابن شهاب له.

                                                                          وقد ذاكرت دحيما قول مالك، يعني فيه، فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر.

                                                                          وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : محمد بن إسحاق الناس يشتهون حديثه، وكان يرمى بغير نوع من البدع.

                                                                          وقال سعيد بن داود الزنبري، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي : كنا في مجلس محمد بن إسحاق نتعلم، فأغفى إغفاءة، فقال : إني رأيت في المنام الساعة كأن إنسانا دخل المسجد ومعه حبل، فوضعه في عنق حمار فأخرجه، فما لبثنا أن [ ص: 419 ] دخل المسجد رجل معه حبل حتى وضعه في عنق ابن إسحاق فأخرجه، فذهب به إلى السلطان فجلد.

                                                                          قال الزنبري : من أجل القدر.

                                                                          وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ : حدثنا موسى بن هارون بن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول : كان محمد بن إسحاق يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه.

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة : سمعت محمد بن عبد الله بن نمير وذكر ابن إسحاق فقال : إذا حدث عن من سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة.

                                                                          وقال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها، لا يشاركه فيها أحد.

                                                                          وقال سليمان بن إسحاق الجلاب : سألت إبراهيم الحربي : تكلم أحد في ابن إسحاق؟ فقال : أما سفيان يعني ابن عيينة فكان يقول - يعني عن الزهري - : لا يزال بالمدينة علم ما عاش هذا الغلام، يعني ابن إسحاق.

                                                                          قال : إبراهيم : ولكن حدثني [ ص: 420 ] مصعب ، قال : كانوا يطعنون عليه بشيء من غير جنس الحديث.

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة أيضا : سألت علي ابن المديني قلت : كيف حديث محمد بن إسحاق عندك صحيح؟ فقال : نعم، حديثه عندي صحيح. قلت له : فكلام مالك فيه؟ قال علي : مالك لم يجالسه ولم يعرفه، ثم قال علي : ابن إسحاق أي شيء حدث بالمدينة؟! قلت له : فهشام بن عروة قد تكلم فيه، فقال علي : الذي قال هشام ليس بحجة؛ لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها.

                                                                          قال : وسمعت عليا يقول : إن حديث محمد بن إسحاق ليتبين فيه الصدق، يروي مرة : حدثني أبو الزناد، ومرة : ذكر أبو الزناد، وروى عن رجل عن من سمع منه، يقول : حدثني سفيان بن سعيد، عن سالم أبي النضر، عن عمر "صوم يوم عرفة" وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول : حدثني الحسن بن دينار، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب في "سلف وبيع" وهو من أروى الناس عن عمرو بن شعيب.

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان الفارسي : قال علي : لم أجد لابن إسحاق إلا حديثين منكرين : نافع، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال : "إذا نعس أحدكم يوم الجمعة" والزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد "إذا مس أحدكم فرجه" هذان لم يروهما عن [ ص: 421 ] أحد، والباقون يقول : ذكر فلان، ولكن هذا فيه : حدثنا.

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان أيضا : سمعت بعض ولد جويرية بن أسماء وكان ملازما لعلي، قال : سمعت عليا يقول : ووقع إلي من حديث ابن إسحاق شيء فما أنكرت منه إلا أربعة أحاديث، ظننت أن بعضه منه وبعضه ليس منه.

                                                                          وقال أبو داود : سمعت أحمد ذكر محمد بن إسحاق، فقال : كان رجل يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه.

                                                                          وقال أبو بكر المروذي : قيل له يعني أحمد بن حنبل : أيما أحب إليك موسى بن عبيدة أو محمد بن إسحاق؟ فقال : محمد بن إسحاق.

                                                                          وقال أيضا : قال أحمد بن حنبل : كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قال : حدثني، وإذا لم يكن قال : قال.

                                                                          قال : وقال أبو عبد الله : قدم محمد بن إسحاق إلى بغداد [ ص: 422 ] فكان لا يبالي عن من يحكي، عن الكلبي وغيره.

                                                                          وقال حنبل بن إسحاق : سمعت أبا عبد الله يقول : ابن إسحاق ليس بحجة.

                                                                          وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل وسأله رجل عن محمد بن إسحاق، فقال : كان أبي يتتبع حديثه فيكتبه كثيرا بالعلو والنزول، ويخرجه في "المسند" وما رأيته أنفى حديثه قط.

                                                                          قيل له : يحتج به؟ قال : لم يكن يحتج به في السنن .

                                                                          وقال أيوب بن إسحاق بن سافري : سألت أحمد بن حنبل ، فقلت : يا أبا عبد الله، ابن إسحاق إذا تفرد بحديث تقبله؟ قال : لا، والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من ذا.

                                                                          قال : وأما علي ابن المديني فكان يثني عليه ويقدمه.

                                                                          [ ص: 423 ] وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة : سألت عليا عن محمد بن إسحاق، فقال : هو صالح وسط.

                                                                          وقال أحمد بن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : محمد بن إسحاق ليس به بأس.

                                                                          قال : وسئل يحيى بن معين عنه مرة أخرى فقال : ليس بذاك، ضعيف.

                                                                          قال : وسمعت يحيى بن معين مرة أخرى يقول : محمد بن إسحاق عندي سقيم، ليس بالقوي.

                                                                          وقال أبو الحسن الميموني : سمعت يحيى بن معين يقول : محمد بن إسحاق ضعيف.

                                                                          وقال أبو زرعة الدمشقي : قلت ليحيى بن معين ، وذكرت له الحجة، فقلت له : محمد بن إسحاق منهم؟ فقال : كان ثقة، إنما الحجة : عبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وذكر قوما آخرين.

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : محمد بن إسحاق ثقة، وليس بحجة. [ ص: 424 ]

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة السدوسي : سألت يحيى بن معين عنه، فقلت : في نفسك من صدقه شيء؟ قال : لا، هو صدوق.

                                                                          وقال العجلي : مدني ثقة.

                                                                          وقال النسائي : ليس بالقوي.

                                                                          وقال أبو سعيد بن يونس : قدم الإسكندرية سنة خمس عشرة ومائة.

                                                                          روى عن جماعة من أهل مصر وغيرهم، منهم : عبيد الله بن المغيرة، ويزيد بن أبي حبيب، وثمامة بن شفي ، وعبيد الله بن أبي جعفر ، والقاسم بن قزمان ، والسكن بن أبي كريمة ، روى عنهم أحاديث لم يروها عنهم غيره فيما علمت.

                                                                          روى عنه من أهل مصر الأكابر، منهم : يزيد بن أبي حبيب، وقيس بن أبي يزيد .

                                                                          أخبرنا يوسف بن يعقوب، قال : أخبرنا زيد بن الحسن، [ ص: 425 ] قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين القطان، قال : أخبرنا دعلج بن أحمد، قال : أخبرنا أحمد بن علي الأبار، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي كريمة الحراني، قال : حدثنا يزيد بن هارون عن شعبة ، قال : لو سود أحد في الحديث لسود محمد بن إسحاق.

                                                                          وبهذا الإسناد إلى أبي بكر الحافظ، قال : أخبرنا علي بن المحسن التنوخي، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي الرزاز، قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، قال : حدثنا العباس بن يزيد البحراني، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : سمعت شعبة يقول : محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث.

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال : حدثنا محمد بن علي الوراق، قال : حدثنا عبيد بن يعيش، قال : حدثنا يونس بن بكير ، قال : سمعت شعبة يقول : محمد بن إسحاق أمير المحدثين، فقيل له : لم؟ قال : لحفظه.

                                                                          [ ص: 426 ] وقال محمد بن سعد : كان ثقة، ومن الناس من يتكلم فيه، وكان خرج من المدينة قديما فأتى الكوفة، والجزيرة، والري، وبغداد، فأقام بها حتى مات في سنة إحدى وخمسين ومائة.

                                                                          وقال في موضع آخر : كان أول من جمع مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج من المدينة قديما، فلم يرو عنه أحد منهم غير إبراهيم بن سعد، وكان محمد بن إسحاق مع العباس بن محمد بالجزيرة، وكان أتى أبا جعفر المنصور بالحيرة فكتب له المغازي، فسمع منه أهل الكوفة بذلك السبب، وسمع منه أهل الجزيرة حين كان مع العباس بن محمد، وأتى الري فسمع منه أهل الري، فرواته من هؤلاء البلدان أكثر ممن روى عنه من أهل المدينة.

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : ولمحمد بن إسحاق حديث كثير، وقد روى عنه أئمة الناس : شعبة، والثوري، وابن عيينة، وحماد بن سلمة، وغيرهم.

                                                                          وقد روى "المغازي" عنه إبراهيم بن سعد، وسلمة بن الفضل، ومحمد بن سلمة، ويحيى بن سعيد الأموي، وسعيد بن بزيع، وجرير بن حازم، وزياد البكائي، وغيرهم.

                                                                          وقد روي عنه "المبتدأ والمبعث" ولو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومبتدأ الخلق لكانت [ ص: 427 ] هذه فضيلة سبق بها ابن إسحاق، ثم من بعده صنفها قوم آخرون فلم يبلغوا مبلغ ابن إسحاق منها، وقد فتشت أحاديثه الكثير فلم أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ، أو يهم في الشيء بعد الشيء، كما يخطئ غيره، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة، وهو لا بأس به .

                                                                          قال عمرو بن علي، وإبراهيم بن محمد بن عرفة : مات سنة خمسين ومائة.

                                                                          وقال محمد بن سعد في موضع آخر : قال الهيثم بن عدي : توفي سنة إحدى وخمسين ومائة، قال : وقال ابنه : توفي سنة خمسين ومائة.

                                                                          وقال أحمد بن خالد الوهبي : مات سنة إحدى وخمسين ومائة.

                                                                          وقال يحيى بن معين، وعلي ابن المديني، وزكريا بن يحيى الساجي : مات سنة اثنتين وخمسين ومائة.

                                                                          وقال خليفة بن خياط : توفي سنة ثلاث أو اثنتين وخمسين [ ص: 428 ] ومائة.

                                                                          [ ص: 429 ] استشهد به البخاري في "الصحيح" وروى له في كتاب "القراءة خلف الإمام" وغيره .

                                                                          وروى له مسلم في "المتابعات" واحتج به الباقون.

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية