الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          4906 - (ع) : قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة [ ص: 41 ] الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله، ويقال : أبو عبد الملك، ويقال : أبو الفضل المدني، أخو سعيد بن سعد بن عبادة، وإسحاق بن سعد بن عبادة، وأمه فكيهة بنت عبيد بن دليم بن حارثة.

                                                                          وقد تقدم باقي نسبه في ترجمة أبيه، له ولأبيه صحبة .

                                                                          قال أنس بن مالك : كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير .

                                                                          روى عن :النبي صلى الله عليه وسلم (ع) ، وعن أبيه سعد بن عبادة ، وعبد الله بن حنظلة بن الراهب وهو من أقرانه.

                                                                          روى عنه : أنس بن مالك ، وبكر بن سوادة ، وثعلبة بن أبي مالك القرظي (كد) ، وعامر الشعبي (د ق) ، وعبد الرحمن بن أبي [ ص: 42 ] ليلى (خ م س) ، وعروة بن الزبير ، وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل (س) ، وعمرو بن الوليد بن عبدة السهمي ، ومحمد بن سيرين ، ومحمد بن شرحبيل (ق) على خلاف فيه، ومحمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة (د سي) ، والصحيح أن بينهما رجلا، وميمون بن أبي شبيب (ت سي) ، وهزيل بن شرحبيل ، والوليد بن عبدة السهمي ، ويريم أبو العلاء والد هبيرة بن يريم ، ويسار أبو نجيح والد عبد الله بن أبي نجيح ، يقال : مرسل، وأبو تميم الجيشاني ، وأبو عمار الهمداني (س ق) .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة، وقال الحميدي عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار : كان قيس بن سعد رجلا ضخما جسيما، صغير الرأس، ليست له لحية، وأشار سفيان إلى ذقنه، قال : وكان إذا ركب الحمار خطت رجلاه في الأرض، فقدم مكة فقام رجل فقال : من يشتري لحم الجزور، يعرض بقيس أنه لا يأكل لحم الجزور.

                                                                          وقال يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن يريم أبي العلاء ، عن قيس بن سعد بن عبادة : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين .

                                                                          وقال عمرو بن الحارث، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله : خرجنا في بعث ونحن ثلاث مائة رجل، وعلينا أبو عبيدة [ ص: 43 ] ابن الجراح، فأصابنا جوع، فكنا نأكل الخبط ثلاثة أشهر، فخرجت دابة من البحر يقال لها : العنبر، فمكثنا نصف شهر نأكل منها، ونحر رجل من الأنصار ثلاث جزائر، ثم نحر من الغد كذلك، ثم نهاه أبو عبيدة ، فانتهى.

                                                                          قال عمرو بن دينار : سمعت ذكوان أبا صالح يذكر أنه قيس بن سعد.

                                                                          قال عمرو بن الحارث : وحدثنا بكر بن سوادة، عن أبي حمزة الحميري، عن جابر نحو ذلك إلا أنه قال : وكان عليهم قيس بن سعد بن عبادة، ونحر لهم تسع ركائب، وزاد : فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك من أمر قيس بن سعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت ".

                                                                          وقال هشام بن عروة، عن أبيه : باع قيس بن سعد مالا من معاوية بتسعين ألفا، فأمر مناديا فنادى في المدينة : من أراد القرض فليأت منزل سعد، فأقرض أربعين أو خمسين، وأجاز بالباقي، وكتب على من أقرضه صكا، فمرض مرضا قل عواده، فقال لزوجته قريبة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر : يا قريبة لم ترين قل عوادي؟ قالت : للذي لك عليهم من الدين، فأرسل إلى كل رجل بصكه .

                                                                          قال عروة : قال قيس بن سعد : اللهم ارزقني مالا؛ فإنه لا تصلح الفعال إلا بالمال .

                                                                          وقال أبو عامر الأسدي، عن سفيان الثوري : أقرض قيس بن [ ص: 44 ] سعد رجلا ثلاثين ألفا فجاءه يقضيه، فقال له قيس : إنا قوم إذا أعطينا شيئا لم نرجع فيه .

                                                                          وقال سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح : إن سعد بن عبادة قسم ماله بين ولده، وخرج إلى الشام فمات، وولد له ولد بعده، فجاء أبو بكر وعمر إلى ابنه قيس بن سعد، فقالا : إن سعدا يرحمه الله توفي ولم يعلم ما هو كائن، وإنا نرى أن تردوا على هذا الغلام.

                                                                          فقال : ما أنا بمغير شيئا صنعه سعد، ولكن نصيبي له .

                                                                          وقال مسعر عن معبد بن خالد : كان قيس بن سعد لا يزال هكذا رافعا أصبعه المسبحة، يعني يدعو .

                                                                          وقال الجراح بن مليح البهراني، عن أبي رافع، عن قيس بن سعد : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " المكر والخديعة في النار " لكنت من أمكر هذه الأمة .

                                                                          وقال عبد الله بن وهب، عن حفص بن عمر، عن يونس بن يزيد، عن الزهري : كان حامل راية الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن سعد بن عبادة، وكان من ذوي الرأي من الناس .

                                                                          قال ابن شهاب : وكانوا يعدون دهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رهط يقال لهم : ذوو رأي العرب في مكيدتهم : معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وقيس بن سعد بن [ ص: 45 ] عبادة، والمغيرة بن شعبة، ومن المهاجرين عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي.

                                                                          وكان قيس بن سعد وابن بديل مع علي، وكان عمرو بن العاص مع معاوية، وكان المغيرة بن شعبة معتزلا بالطائف وأرضها حتى حكم الحكمان واجتمعوا بأذرح.

                                                                          وقال أبو تميلة يحيى بن واضح : أخبرني رجل من ولد الحارث بن الصمة يكنى أبا عثمان أن ملك الروم أرسل إلى معاوية أن ابعث إلي بسراويل أطول رجل من العرب، فقال لقيس بن سعد : ما نظننا إلا قد احتجنا إلى سراويلك.

                                                                          قال : فقام فتنحى فجاء بها، فألقاها إلى معاوية، فقال : يرحمك الله، وما أردت إلى هذا؟! ألا ذهبت إلى بيتك فبعثت بها؟! فأنشد :


                                                                          أردت بها كي يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود     وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه
                                                                          سراويل عادي نمته ثمود     وإني من الحي اليماني لسيد
                                                                          وما الناس إلا سيد ومسود     فكدهم بمثلي إن مثلي عليهم
                                                                          شديد وخلقي في الرجال شديد



                                                                          قال : فأمر معاوية بأطول رجل في الجيش، فوضعها على أنفه، فوقعت بالأرض.

                                                                          قال : فدعا له بسراويل، فلما جاء بها قال له قيس : نح عنك تبانك هذا، فقال معاوية :


                                                                          أما قريش فأقوام مسرولة     واليثربيون أصحاب التبابين
                                                                          تلك اليهود التي تعني ببلدتنا     كما قريش هم أهل التساخين

                                                                          [ ص: 46 ]

                                                                          قال الهيثم بن عدي، والواقدي، وخليفة بن خياط، وغير واحد : توفي بالمدينة في آخر خلافة معاوية.

                                                                          روى له الجماعة.

                                                                          أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، وزينب بنت مكي، قالا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد، قال : أخبرنا أبو البركات الأنماطي، قال : أخبرنا أبو محمد الصريفيني، قال : أخبرنا أبو القاسم بن حبابة، قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي، قال : حدثنا علي بن الجعد، قال : أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال : كان سهل بن حنيف ، وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية، فمرت بهما جنازة فقاما، فقيل : إنما هي من أهل الأرض، فقالا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل : إنها جنازة يهودي فقال : "أليست نفسا" .

                                                                          رواه البخاري عن آدم، عن شعبة، فوقع لنا بدلا عاليا.

                                                                          ورواه مسلم، عن ابن بشار، وأبي بكر بن أبي شيبة، عن غندر، عن شعبة، فوقع لنا عاليا بدرجتين، وليس له عندهما غيره.

                                                                          [ ص: 47 ] ورواه النسائي عن إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث، عن شعبة، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين أيضا.

                                                                          وأخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، وأبو الغنائم بن علان، وأحمد بن شيبان، قالوا : أخبرنا حنبل، قال : أخبرنا ابن الحصين، قال : أخبرنا ابن المذهب، قال : أخبرنا القطيعي، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد، قال : حدثني أبي، قال : حدثنا وهب بن جرير، قال : حدثنا أبي، قال : سمعت منصور بن زاذان يحدث عن ميمون بن أبي شبيب، عن قيس بن سعد بن عبادة أن أباه دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه، قال : فأتى علي النبي صلى الله عليه وسلم وقد صليت، قال : فضربني برجله، وقال : "ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟ قلت : بلى، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ".

                                                                          رواه الترمذي، والنسائي في "اليوم والليلة" عن محمد بن المثنى، عن وهب بن جرير، فوقع لنا بدلا عاليا.

                                                                          وقال الترمذي : حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

                                                                          وليس له عند الترمذي غيره.

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية