الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 218 ] من اسمه كميل وكناز وكنانة

                                                                          4996 - (سي) : كميل بن زياد بن نهيك بن الهيثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النخع النخعي الصهباني الكوفي.

                                                                          وقيل : كميل بن عبد الله، وقيل : كميل بن عبد الرحمن، والنخع من مذحج .

                                                                          روى عن : عبد الله بن مسعود ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وعمر بن الخطاب ، وأبي مسعود الأنصاري ، وأبي هريرة (سي) .

                                                                          روى عنه : رشيد أبو راشد ، وأبو عمر سليمان بن عبيد الله بن سليمان الكندي ، وسليمان الأعمش ، والعباس بن ذريح ، وعبد الله بن يزيد الصهباني ، وعبد الرحمن بن جندب الفزاري ، [ ص: 219 ] وعبد الرحمن بن عابس ، وأبو إسحاق السبيعي (سي) .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، قال : وشهد مع علي صفين، وكان شريفا، مطاعا في قومه، فلما قدم الحجاج بن يوسف الكوفة دعا به فقتله، وكان ثقة، قليل الحديث.

                                                                          وقال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : ثقة.

                                                                          وقال العجلي : كوفي تابعي ثقة.

                                                                          وقال محمد بن عبد الله بن عمار : كميل بن زياد رافضي، وهو ثقة من أصحاب علي.

                                                                          وقال في موضع آخر : كميل بن زياد من رؤساء الشيعة، وكان بلاء من البلاء.

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".

                                                                          وقال أبو الحسن المدائني : وفيهم يعني أهل الكوفة من العباد : أويس القرني، وعمرو بن عتبة بن فرقد، ويزيد بن معاوية النخعي، وربيع بن خثيم، وهمام بن الحارث، ومعضد الشيباني، وجندب بن عبد الله، وكميل بن زياد النخعي.

                                                                          [ ص: 220 ] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام التميمي، وأبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد، قال : أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي، قال : أخبرنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني، قال : أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال : أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي بالكوفة، قال : حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، قال : أخبرنا عاصم بن حميد الحناط أو رجل عنه، قال : حدثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد النخعي ، قال : أخذ علي بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبان، فلما أصحرنا، جلس، ثم تنفس، ثم قال : يا كميل بن زياد القلوب أربعة : فخيرها أوعاها، احفظ ما أقول لك : الناس ثلاثة : فعالم رباني، وعالم متعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.

                                                                          العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل، والمال تنقصه النفقة، وصحبة العالم دين يدان بها باكتساب الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته وصنيعه، يفنى المال بزوال صاحبه، مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة.

                                                                          ها إن هاهنا [ ص: 221 ] - وأشار بيده إلى صدره - علما لو أصبت له حملة، بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على عباده، أو منقاد لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه، يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا ذا ولا ذاك.

                                                                          أو منهوم باللذة، سلس القياد للشهوات، أو مغري بجمع الأموال والادخار، ليسا من دعاة الدين، أقرب شبههما بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى.

                                                                          لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكي لا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، بهم يدفع الله من حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم، فيزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، تلك أبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، والدعاة إلى دينه، هاه! هاه! شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولك، إذا شئت فقم .

                                                                          ورواه أبو نعيم ضرار بن صرد، عن عاصم بن حميد، فزاد فيه ألفاظا.

                                                                          أخبرنا به أحمد بن هبة الله بن أحمد، قال : أخبرنا عمي أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن، قال : أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني، قال : أخبرنا عمي الشريف الأمير عماد الدولة أبو البركات عقيل بن العباس الحسيني، قال : أخبرنا الحسين بن [ ص: 222 ] عبد الله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي قراءة عليه بدمشق، قال : أخبرنا خال أبي خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، قال : حدثنا نجيح بن إبراهيم الزهري، قال : حدثنا ضرار بن صرد، قال : حدثنا عاصم بن حميد الحناط بإسناده نحوه، وقال : ومحبة العالم دين يدان بها فتكسبه الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته، العلم حاكم، والمال محكوم عليه، وصنيعة المال تزول بزواله .

                                                                          وقال : هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون .

                                                                          وروي من وجوه أخر عن كميل بن زياد

                                                                          قال خليفة بن خياط : قتله الحجاج سنة اثنتين وثمانين.

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين : مات سنة اثنتين وثمانين أو أربع وثمانين، وهو ابن تسعين سنة.

                                                                          وحكى أبو سليمان بن زبر، عن المدائني أنه قال : مات سنة اثنتين، وهو ابن سبعين سنة.

                                                                          روى له النسائي في "اليوم والليلة" حديثا واحدا، وقد وقع لنا من روايته عاليا جدا.

                                                                          [ ص: 223 ] أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري، قال : أنبأنا محمد بن أبي زيد الكراني، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، قال : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز، وعثمان بن عمر الضبي، قالا : حدثنا عبد الله بن رجاء، قال : أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن كميل بن زياد، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت : بلى. قال : لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا منجا من الله إلا إليه ".

                                                                          أخرجه من رواية عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، فوقع لنا عاليا بدرجتين.

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية