الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    11 - باب تقرب العبد إلى ربه عز وجل بصالح عمله

                                                                                                                                                                    [ 6187 / 1 ] قال أبو يعلى الموصلي : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا ابن أبي عبيدة ، ثنا أبي، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة، عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: [ ص: 453 ]

                                                                                                                                                                    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان ثلاثة يمشون في غب سماء إذ مروا بغار، قال: فقالوا: لو أويتم إلى هذا الغار، فأووا إليه، فبينا هم فيه إذ وقع عليهم حجر من الجبل حتى سد الغار، فقال بعضهم لبعض: إنكم لن تجدوا شيئا خيرا من أن يدعو كل امرئ بخير عمله ... " وذكر الحديث إلى آخره "فانكشف عنهم فخرجوا يمشون".

                                                                                                                                                                    [ 6187 / 2 ] قال أبو يعلى الموصلي : وثنا زهير ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني، حدثني عبد الصمد ، أنه سمع عمه وهب بن منبه يقول: حدثني النعمان بن بشير أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر " أن ثلاثة نفر كانوا في كهف فوقع الجبل على باب الكهف فأوصد عليهم، فقال قائل منهم: أيكم عمل حسنة، لعل الله برحمته يرحمنا. فقال رجل منهم: قد كان لي أجراء يعملون عملا لي فاستأجرت كل رجل منهم بأجر معلوم، فجاءني رجل منهم ذات يوم وسط النهار، واستأجرته بشرط أصحابه، فعمل في بقية نهاره كما عمل في نهاره كله، فرأيت علي من الزمام أن لا أنقصه مما استأجرت به أصحابه لما جهد في عمله، فقال رجل منهم: أتعطي هذا مثل ما أعطيتني ولم يعمل إلا نصف النهار؟ قلت: يا عبد الله، لم أبخسك شيئا من شرطك، وإنما هو مالي أحكم فيه ما شئت. قال: فغضب، وذهب وترك أجره، فوضعت حقه في جانب البيت ما شاء الله، ثم مرت بي بعد ذلك بقر فاشتريت به فصيلة من البقر، فبلغت ما شاء الله فمر بي بعد حين شيخ ضعيف، ولا أعرفه، فقال: إن لي عندك حقا فذكره حتى عرفته فقلت: إياك أبغي، هذا حقك. فعرضتها عليه جميعا. فقال: يا عبد الله، لا تسخر بي، إن لم تتصدق علي فأعطني حقي. فقلت: والله ما أسخر بك إنها لحقك، وما لي فيها من شيء. فدفعتها إليه جميعا، اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا: فانصدع الجبل حتى رأوا وأبصروا، وقال الآخر: قد عملت حسنة مرة، كان لي فضل وأصابت الناس شدة فجاءتني امرأة وطلبت مني معروفا، فقلت: لا والله ما هو دون نفسك. فأبت علي، فذهبت فذكرت ذلك لزوجها، فقال لها: أعطيه نفسك، وأعيني عيالك. فرجعت إلي فنشدتني بالله - عز وجل - فأبيت عليها وقلت: والله ما هو دون نفسك. فلما رأت ذلك أسلمت إلي نفسها، فلما كشفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي، فقلت لها: ما شأنك؟ فقالت: الله رب العالمين. فقلت لها: خفته في الشدة، ولم أخفه في الرخاء. فتركتها، وأعطيتها ما يحق علي لها بما [ ص: 454 ] تكشفتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا. فانصدع الحجر - حتى عرفوا وتبين لهم، قال الآخر: قد عملت حسنة مرة، كان لي أبوان شيخان كبيران، وكانت لي غنم، فكنت أطعم أبوي وأسقيهما، ثم رجعت إلى غنمي فأصابني يوم غيث حبسني فلم أرح حتى أمسيت، فأتيت أهلي، فأخذت محلبي، فحلبت غنمي، وتركتها قائمة، ومضيت إلى أبوي فوجدتهما قد ناما، فشق علي أن أوقظهما، وشق علي أن أترك غنمي فما برحت جالسا ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا. فقال النعمان: فكأني أسمع هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الجبل طاق، ففرج الله عنهم فخرجوا يتماشون".

                                                                                                                                                                    [ 6187 / 3 ] رواه الطبراني في كتاب الدعاء: ثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج، وعبيد بن غنام قالا: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن، ثنا أبي، عن الأعمش ... فذكره.

                                                                                                                                                                    [ 6187 / 4 ] قال: وثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا علي بن بحر، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم.. فذكره.

                                                                                                                                                                    قلت: له شاهد في الصحيحين، وغيرهما من حديث ابن عمر .

                                                                                                                                                                    ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                    ورواه أبو يعلى من حديث أنس وسيأتي في كتاب التوبة في باب إخلاص التوبة لله - عز وجل. ورواه الطبراني في كتاب الدعاء من حديث علي بن أبي طالب ، وعقبة بن عامر ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأنس بن مالك ، وعائشة - رضي الله عنهم. [ ص: 455 ]

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية