الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 5408 / 1 ] وقال أبو يعلى الموصلي : وثنا محرز، ثنا الفرج بن فضالة ، عن لقمان ، عن أبي أمامة قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل عوامر البيوت إلا ما كان من ذي الطفيتين والأبتر فإنهما يكمهان الأبصار ويخدج منه النساء ".

                                                                                                                                                                    [ 5408 / 2 ] قال: وثنا الربيع بن ثعلب، ثنا الفرج بن فضالة .

                                                                                                                                                                    قال أبو فضالة: الأبتر: المقطوع الذنب، وذو الطفيتين له سيران من رأسه إلى ذنبه.

                                                                                                                                                                    [ 5408 / 3 ] رواه أحمد بن حنبل في مسنده: ثنا أبو النضر ، ثنا فرج، حدثني لقمان ... فذكره.

                                                                                                                                                                    الطفيتان - بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء - هما الخيطان الأسودان على [ ص: 90 ] ظهر الحية، وأصل الطفية خوصة المقل، شبه الخيطين على ظهر الحية بخوصتي المقل، وقال أبو عمر النمري: يقال: إن ذا الطفيتين حنش يكون على ظهره خطان أبيضان. والأبتر هو الأفعى، وقيل: حنش أبتر كأنه مقطوع الذنب، وقيل: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب إذا نظرت إليه الحامل ألقت، قاله النضر بن شميل .

                                                                                                                                                                    وقوله: " يلتمسان البصر " معناه: يطمسانه بمجرد نظرهما لخاصية آلية جعلها الله فيها. قال الحافظ المنذري : قد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى قتل الحيات أجمع: في الصحارى، والبيوت بالمدينة وغير المدينة ، ولم يستثنوا في ذلك نوعا ولا جنسا ولا موضعا، واحتجوا في ذلك بأحاديث عامة كحديث ابن مسعود المتقدم، وابن عباس ، وعائشة .

                                                                                                                                                                    وقالت طائفة: تقتل الحيات أجمع إلا سواكن البيوت بالمدينة وغيرها؛ فإنهن لا يقتلن لما جاء في حديث أبي لبابة، وزيد بن الخطاب من النهي عن قتلهن بعد الأمر بقتل جميع الحيات. وقالت طائفة: تنذر سواكن البيوت في المدينة ، وغيرها؛ فإن بدين بعد الإنذار قتلن، وما وجد منهن في غير البيوت يقتل من غير إنذار. وقال مالك: يقتل ما وجد منها في المساجد. واستدل هؤلاء بقوله صلى الله عليه وسلم : "إن لهذه البيوت عوامر؛ فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليها ثلاثا، فإن ذهبت وإلا فاقتلوه " واختار بعضهم أن يقول لها ما ورد في حديث أبي ليلى ، وقال مالك: يكفيه أن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الآخر ألا تبدو لنا ولا تؤذينا. وقال غيره: يقوله لها: أنت في حرج إن عدت إلينا فلا تلومينا أن نضيق عليك بالطرد والتتبع. وقالت طائفة: لا تنذر إلا حيات المدينة فقط ؟ لما جاء في حديث أبي سعيد من إسلام طائفة من الجن بالمدينة ، وأما حيات غير المدينة في جميع الأرض والبيوت فتقتل من غير إنذار؛ لأنا لا نتحقق وجود مسلمين من الجن ثم، وبقوله صلى الله عليه وسلم : "خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم " وذكر منهن الحية.

                                                                                                                                                                    وقالت طائفة: يقتل الأبتر وذو الطفيتين من غير إنذار سواء كان بالمدينة أو غيرها لحديث أبي لبابة: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين " ولكل من هذه الأقوال وجه قوي ودليل ظاهر، والله أعلم. [ ص: 91 ]

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية