الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 6499 / 1 ] وقال أبو يعلى الموصلي ، ثنا هدبة بن خالد، ثنا حماد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد بن عمرو الكندي رضي الله عنه قال: "قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من أصحابي، فطلبنا هل يضيفنا أحد فلم يضيفنا أحد، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، أصابنا جوع وجهد وإنا تعرضنا هل يضيفنا أحد فلم يضفنا أحد، فدفع إلينا أربعة أعنز فقال: يا مقداد، خذ هذه فاحتلبها فجزئها أربعة أجزاء، جزءا لي وجزءا لك وجزأين لصاحبيك. فكنت أفعل ذلك، فلما كان ذات ليلة شربت جزئي، وشرب صاحباي جزئيهما وجعلت جزء النبي صلى الله عليه وسلم في القعب وأطبقت عليه، فاحتبس النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لي نفسي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه أهل بيت من المدينة فتعشى معهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى هذا، فلم تزل نفسي تديرني حتى قمت إلى القعب فشربت ما فيه، فلما تقار في بطني أخذني ما قدم وما أحدث فقالت نفسي: يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جائع ظمآن فيرفع القعب فلا يجد فيه شيئا فيدعو عليك، فتسجيت كأني نائم، وما كان بي نوم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم تسليمة أسمع اليقظان ولم يوقظ النائم، فلما لم ير في القعب شيئا رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم أطعم من أطعمنا، واسق من سقانا. فاغتنمت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت الشفرة وأنا أريد أن أذبح بعض تلك الأعنز فأطعمه، فضربت بيدي فوقعت على ضرعها، فإذا هي حافلة، ثم نظرت إليهن جميعا فإذا هن حفل، فحلبت في القعب حتى امتلأ ثم أتيته به وأنا أتبسم فقال: هيه بعض سوءاتك يا مقداد. فقلت: يا رسول الله، اشرب ثم أخبر، فشرب ثم شربت ما بقي ثم أخبرته فقال: هذه بركة، كان ينبغي لك أن تعلمني حتى توقظ صاحبينا فنسقيهما من هذه البركة. فقلت: يا رسول الله، إذا شربت أنا وأنت البركة فما أبالي من أخطأت". [ ص: 123 ]

                                                                                                                                                                    [ 6499 / 2 ] رواه أحمد بن حنبل : ثنا أسود بن عامر، أبنا أبو بكر، عن الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن المقداد بن الأسود قال: "لما نزلنا المدينة عشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة - يعني في كل بيت - قال: فكنت في العشرة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيهم قال: ولم يكن لنا إلا شاة نتجزأ لبنها قال: فكنا إذا أبطأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شربنا وبقينا للنبي صلى الله عليه وسلم بقية، فلما كان ذات ليلة أبطأ علينا ونمنا فقال المقداد: لقد أطال النبي صلى الله عليه وسلم ما أراه يجيء الليلة لعل إنسانا دعاه. قال: فشربته، فلما ذهب من الليل جاء فدخل البيت، قال: فلما شربته لم أنم أنا. قال: فلما دخل سلم ولم يشد، ثم مال إلى القدح، فلما لم ير شيئا سكت، ثم قال: اللهم أطعم من أطعمنا الليلة. قال: وثبت فأخذت السكين وقمت إلى الشاة. قال: ما لك؟ فقلت: أذبح. قال: لا ، ائتني بالشاة. فأتيته بها فمسح ضرعها فخرج شيئا، ثم شرب ثم نام".

                                                                                                                                                                    قلت: رواه مسلم في صحيحه، والترمذي في الجامع، والنسائي في اليوم والليلة بنقص ألفاظ من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، عن المقداد به. وتقدم كل ذلك في كتاب الأشربة في باب من شرب وادخر لجيرانه.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية