الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 7194 / 1 ] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثمان سنين (فكان) أول ما علمني أن قال لي: يا بني، أحكم وضوءك لصلاتك تحبك حفظتك، ويزاد في عمرك، يا بني يا أنس، الغسل من الجنابة فبالغ فيها؛ فإن تحت كل شعرة جنابة.

                                                                                                                                                                    قال: قلت: يا رسول الله، وكيف أبالغ فيها؟ قال: رو أصول الشعر، وأنق بشرتك، تخرج من مغتسلك وقد غفر لك كل ذنب، يا بني لا تفوتك ركعتي الضحى فإنها صلاة الأوابين، يا بني وأكثر الصلاة في الليل والنهار؛ فإنك ما دمت في صلاة فإن الملائكة تصلي عليك، يا بني وإذا قمت في الصلاة فانصب نفسك لله، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك، وفرج بين أصابعك، وارفع عضدك عن جنبيك، وإذا رفعت رأسك من الركوع فقم حتى يرجع كل عضو إلى مكانه، وإذا سجدت فألزق وجهك بالأرض، ولا تنقر نقر الغراب، ولا تبسط ذراعيك بسط الثعلب، فإذا رفعت رأسك فلا تقع كما يقعي الكلب، ضع أليتيك بين قدميك، وألزق ظاهر قدميك بالأرض؛ فإن الله لا ينظر إلى صلاة عبد لا يتم ركوعها وسجودها، وإن استطعت أن تكون على وضوء من يومك وليلتك [ ص: 405 ] فإن يأتك الموت وأنت على ذلك لم تفتك الشهادة، يا بني وإذا دخلت بيتك فسلم تكثر بركتك وبركة بيتك، يا بني وإذا خرجت لحاجة فلا يقعن بصرك على أحد من أهل دينك إلا سلمت عليه تدخل حلاوة الإيمان قلبك، وإن أصبت ذنبا في مخرجك رجعت وقد غفر لك، يا بني ولا تبيتن ولا تصبحن يوما وفي قلبك غش لأحد من أهل الإسلام؛ فإن هذا أمر سنتي، ومن أخذ بسنتي فقد أحبني، ومن أحبني فهو معي في الجنة، يا بني فإذا عملت بهذا وحفظت وصيتي، فلا يكونن شيء أحب إليك من الموت؛ فإن فيه راحتك".


                                                                                                                                                                    رواه أحمد بن منيع بسند ضعيف؛ لضعف العلاء أبي محمد الثقفي، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر بسند فيه راو لم يسم.

                                                                                                                                                                    [ 7194 / 2 ] ورواه أبو يعلى الموصلي بسند فيه علي بن زيد بن جدعان، ولفظه: عن أنس قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن ثمان سنين، فأخذت أمي بيدي فانطلقت بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنه لم يبق رجل ولا امرأة من الأنصار إلا قد أتحفك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا، فخذه فليخدمك ما بدا لك، فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما ضربني ولا سبني سبة، ولا انتهرني، ولا عبس في وجهي، فكان أول ما أوصاني به أن قال: يا بني، اكتم سري تك مؤمنا، فكانت أمي وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألنني عن سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أخبرهم به، وما أنا بمخبر بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا أبدا.

                                                                                                                                                                    وقال: يا بني، عليك بإسباغ الوضوء يحبك حافظاك، ويزد في عمرك، ويا بني بالغ في الاغتسال من الجنابة فإنك تخرج من مغتسلك وليس عليك ذنب ولا خطيئة، قال: فقلت: وكيف المبالغة يا رسول الله، قال: تبل أصول الشعر، وتنقي البشرة، ويا بني إن استطعت أن لا تزال أبدا على وضوء فإنه من يأته الموت وهو على وضوء يعط الشهادة، ويا بني إن استطعت ألا تزال تصلي فإن الملائكة تصلي عليك ما دمت مصليا، ويا بني إذا ركعت فأمكن كفيك من ركبتيك، وفرج بين أصابعك، وارفع مرفقيك عن جنبيك، ويا بني إذا رفعت رأسك من الركوع فأمكن كل عضو منك موضعه؛ فإن الله لا ينظر يوم القيامة إلى من لا يقيم صلبه من ركوعه وسجوده، ويا بني وإذا سجدت [ ص: 406 ] فأمكن جبهتك وكفيك من الأرض، ولا تنقر نقر الديك، ولا تقع إقعاء الكلب - أو قال: الثعلب - وإياك والالتفات في الصلاة؛ فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لا بد ففي النافلة لا في الفريضة، ويا بني وإذا خرجت من بيتك فلا تقعن عينك على أحد من أهل القبلة إلا سلمت عليه، فإنك ترجع مغفورا لك، ويا بني إذا دخلت منزلك فسلم على نفسك وعلى أهل بيتك، ويا بني إن استطعت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد فافعل؛ فإنه أهون عليك في الحساب، ويا بني إن اتبعت وصيتي فلا يكون شيء أحب إليك من الموت، ووقر كبير المسلمين وارحم صغيرهم أجئ أنا وأنت كهاتين - وجمع بين أصابعه - يا أنس، سلم على من لقيت من أمتي تكثر حسناتك".


                                                                                                                                                                    ورواه الترمذي مختصرا جدا.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية