الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    15 - فضائل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فيها حديث عائشة وتقدم في فضائل أبي بكر، وحديث عبد الله بن عمر وتقدم في باب ما اشترك علي بن أبي طالب وغيره فيه من الفضل، وحديث ابن عباس وتقدم في باب ما اشترك أبو بكر وغيره فيه من الفضل، وسيأتي في مناقب سعيد بن زيد.

                                                                                                                                                                    [ 6701 / 1 ] وعن عائشة قالت: "كان أبو بكر رضي الله عنهما - إذا ذكر يوم أحد قال: ذلك يوم كان كله يوم طلحة، ثم أنشأ يحدث، قال: كنت أول من فاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دونه قال: أراه يحميه، قال: قلت: كن طلحة حيث فاتني ما فاتني. فقلت: يكون رجلا من قومي أحب إلي، وبيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم رجل لا أعرفه وأنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وهو يخطف المشي خطفا لا أخطفه، فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كسرت رباعيته، وشج في وجهه، وقد دخل في وجنتيه حلقتان من حلق المغفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكما صاحبكما - يريد طلحة وقد نزف - فلم نلتفت إلى قوله وذهبت لأنزع ذلك من وجهه. قال [ ص: 219 ] أبو عبيدة: أقسمت عليك بحقي لما تركتني، فتركته، وكره أن يتناولها بيده فيؤذي النبي صلى الله عليه وسلم فأرم عليه بفيه، فاستخرج إحدى الحلقتين، ووقعت ثنيته مع الحلقة، وذهبت لأصنع ما صنع فقال: أقسمت عليك بحقي لما تركتني؟ ففعل كما فعل في المرة الأولى فوقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة، فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتما، فأصلحنا من ثياب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتينا طلحة في بعض تلك الجفار فإذا به بضع وسبعون - أو أقل أو أكثر - بين طعنة ورمية وضربة، فإذا قد قطع أصبعه فأصلحنا من شأنه".

                                                                                                                                                                    رواه أبو داود الطيالسي .

                                                                                                                                                                    [ 6701 / 2 ] وأبو يعلى ولفظه: قالت عائشة: "والله إني لفي بيتي ذات يوم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الفناء والستر بيني وبينهم، إذ أقبل طلحة بن عبيد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة".

                                                                                                                                                                    [ 6701 / 3 ] وابن حبان في صحيحه قالت عائشة: قال أبو بكر: "لما صرف الناس يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فجعلت أنظر إلى رجل بين يديه يقاتل عنه ويحميه، فجعلت أقول: كن طلحة فداك أبي وأمي مرتين، قال: ثم نظرت إلى رجل خلفي كأنه طائر، فلم أنشب أن أدركني، فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح، فدفعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طلحة بين يديه صريع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم دونكم أخوكم فقد أوجب. قال: وقد رمي في جبهته ووجنته، فأهويت إلى السهم الذي في جبهته لأنزعه فقال لي أبو عبيدة: نشدتك بالله يا أبا بكر إلا تركتني قال: فتركته. قال: فأخذ أبو عبيدة السهم بفيه فجعل (ينضنضه) ويكره أن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ثم استله بفيه، ثم أهويت إلى السهم الذي في وجنته لأنزعه فقال أبو عبيدة: بالله يا أبا بكر إلا تركته. فأخذ السهم بفيه وجعل ينضنضه ويكره أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استله، وكان طلحة أشد نهكة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم أشد منه، وكان قد أصاب طلحة بضعة وثلاثين بين طعنة وضربة ورمية".

                                                                                                                                                                    [ ص: 220 ]

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية