الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3226 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، أنا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا زهير، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك، قال: " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت الأعراب من كل مكان، فقالوا: يا رسول الله، [ ص: 139 ] أعلينا حرج في كذا وكذا؟ قال: عباد الله وضع الله الحرج إلا من اقترض امرأ مسلما، فذلك الذي هلك، وحرج، قالوا: يا رسول الله، أفنتداوى؟ قال: نعم، يا عباد الله، إن الله لم ينزل، أو لم يضع داء إلا أنزل له شفاء، غير داء واحد: الهرم "، قالوا: يا رسول الله، ما خير ما أعطي الإنسان، أو المسلم؟ قال: "الخلق الحسن".

                                                                            هذا حديث حسن، وأسامة بن شريك من الصحابة، يعد من أهل الكوفة، هو من بني ثعلبة، لا يعرف عنه راو غير زياد بن علاقة.

                                                                            وقوله: "إلا من اقترض امرأ مسلما"، أي: نال منه، وعابه، وقطعه بالغيبة، وأصل القرض: القطع.

                                                                            قال أبو الدرداء: إن قارضت الناس، قارضوك، يقول: إن ساببتهم، سابوك، وإن نلت منهم، نالوا منك.

                                                                            وروي عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تتداووا بحرام". [ ص: 140 ] .

                                                                            واختلف أهل العلم في التداوي بالشيء النجس، فأباح كثير منهم تناول الشيء النجس للتداوي إلا الخمر، "لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للرهط العرنيين شرب أبوال الإبل"، وحرم أكثر أهل العلم تناول الخمر للتداوي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها ليست بدواء، ولكنها داء".

                                                                            وروي عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث".

                                                                            واختلفوا في تأويله، فقد قيل: أراد به خبث النجاسة، بأن يكون فيه محرم من خمر، أو لحم ما لا يؤكل لحمه من الحيوان، فلا يجوز التداوي به، إلا ما خصته السنة من أبوال الإبل، وقيل: أراد به الخبث من جهة الطعم والمذاق، ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع، والغالب أن طعوم الأدوية كريهة، ولكن بعضها أيسر احتمالا، وأقل كراهية.

                                                                            وروي عن نافع، أن ابن عمر جاءته امرأة، فقالت: إن ابنتها أصابها البرسام، فتساقط شعرها، فوصف أن أمشطها بالخمر، فقال: اتقي الله في شعرها.

                                                                            وعن عائشة، أنها [ ص: 141 ] نهت عن ذلك.

                                                                            وعن ابن عمر، أنه كان يكره أن يداوى الدبر بالخمر، وكرهه الحكم وحماد، وعن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون أن يسقوا دوابهم الخمر، ونهى ابن عمر عن ذلك.

                                                                            وسئل ابن سيرين عن الترياق، قال: أمر ابن عمر أن يسقى، ولو علم ما فيه، ما أمر به.

                                                                            وكان ابن سيرين يكره الترياق إذا كان فيه من الحمة شيء.

                                                                            وسئل الحسن عن الترياق يسقى الملدوغ؟ فقال: والله ما أدري من أي شيء يصنع.

                                                                            قيل: من الوزغ، قال: لا تقربن ما يصنع بالأوزاغ.

                                                                            وكان الشعبي، ومكحول لا يريان بشرب الترياق بأسا.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية