الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3273 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، وأخرجه مسلم، عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة ، عن ثابت، عن أنس.

                                                                            قوله: "جزء من النبوة" أراد تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده، وإنما كانت جزءا من النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم.

                                                                            قال عبيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي، وقرأ: ( إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ) ، وقيل: معناه [ ص: 204 ] أنها جزء من أجزاء علم النبوة، وعلم النبوة باق، والنبوة غير باقية، أو أراد به أنه كالنبوة في الحكم بالصحة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة" أي: هذه الخصال في الحسن والاستحباب كجزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا فيها بهم، لا أنها حقيقة نبوة، لأن النبوة لا تتجزأ، ولا نبوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات، الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له".

                                                                            وقال بعض أهل العلم في قوله: "جزء من ستة وأربعين" إن مدة وحي الرسول صلى الله عليه وسلم من حين بدئ إلى أن فارق الدنيا، كان ثلاثا وعشرين سنة، وكانت ستة أشهر منها في أول الأمر، يوحى إليه في النوم، وهو نصف سنة، فكانت مدة وحيه في النوم جزءا من ستة وأربعين جزءا من جملة أيام الوحي.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية