الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3342 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، نا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي أيوب الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا عطس الرجل، فليقل: الحمد لله على كل حال، وليقل الذي يشمته: يرحمك الله، وليرد عليه: يهديك الله، ويصلح بالك ". [ ص: 309 ] .

                                                                            هكذا روى شعبة هذا الحديث، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن أبيه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان ابن أبي ليلى يضطرب في هذا الحديث يقول أحيانا: عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                            وقال نافع : عن ابن عمر ، " إنه كان إذا عطس ، فقيل له : يرحمك الله ، يقول : يرحمنا الله وإياكم ، ويغفر لنا ولكم " .

                                                                            وعن عبد الله بن مسعود ، قال : " إذا عطس الرجل ، فليقل : الحمد لله رب العالمين ، وليقل من يرد عليه : يرحمك الله ، وليقل هو : يغفر الله لي ولكم " .

                                                                            وعطس الحسن ، فقال : " الحمد لله على كل حال " .

                                                                            فرد القوم عليه : يرحمكم الله ، فقال الحسن : " يهديكم الله ، ويصلح بالكم ، ويدخلكم الجنة عرفها لكم " .

                                                                            وروي أن رجلا عطس عند عبد الله بن عمر ، فقال : الحمد لله رب [ ص: 310 ] العالمين ، فقال ابن عمر : لولا أتمها : والسلام على رسول الله .

                                                                            قلت : لعله استحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الحمد ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) ، قال مجاهد : لا أذكر إلا وتذكر معي .

                                                                            قلت : وفي تشميت العاطس لا يبدأ بنفسه ، بل يخص العاطس ، لأنه من حق المسلم على المسلم ، كما يخصه بالسلام إذا لقيه ، فإن دعا لأخيه بدعوة مواجهة ، أو في كتاب كتب إليه ، أو في غيبته ، فيستحب أن يبدأ بنفسه ، روي عن أبي بن كعب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد ، بدأ بنفسه ، فقال ذات يوم : " يرحمنا الله وأخانا موسى " .

                                                                            ولا بأس أن يقول في رد جواب من شمته : يغفر الله لنا ولكم .

                                                                            وقال حميد بن زنجويه : إذا عطس الرجل في مجلس كبير ، أو سلم على جماعة ، فشمته بعضهم ، أو رد عليهم بعضهم ، أجزأ عن كلهم ، وكان الفضل للذين شمتوا وردوا ، فإن تركوا تشميته ، أو الرد عليهم كلهم ، أثموا كالصلاة على الجنازة .

                                                                            وروي عن أبي موسى ، قال : كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم : يرحمكم الله ، فيقول : " يهديكم الله ، ويصلح بالكم " . [ ص: 311 ] .

                                                                            وقال الشعبي : إذا عطس اليهودي ، فحمد الله ، فقل : يهديك الله .

                                                                            وقال : إذا شمتك المشرك ، فقل : هداك الله .

                                                                            وسئل معمر : هل يشمت المرأة الرجل إذا عطست ؟ قال : نعم ، لا بأس بذلك .

                                                                            قلت : وكذلك تشميت المرأة المرأة ، والمرأة الرجل .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية