الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3320 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن ثابت، [ ص: 283 ] عن أنس، أو غيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عبادة، فقال: "السلام عليكم ورحمة الله"، فقال سعد: وعليكم السلام ورحمة الله، ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى سلم ثلاثا، ورد عليه سعد ثلاثا، ولم يسمعه، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فاتبعه سعد، فقال: يا رسول الله بأبي أنت ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني، ولقد رددت عليك، ولم أسمعك، أحببت أن أستكثر من سلامك، ومن البركة، ثم دخلوا البيت، فقرب له زبيبا، فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ قال: أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون ".

                                                                            قال الإمام : فيه بيان أن الاستئذان يكون بالسلام ، واختلفوا في أنه يقدم الاستئذان أم السلام ؟ فقال قوم : يقدم الاستئذان ، يقول : أأدخل سلام عليكم ، لقوله سبحانه وتعالى : ( حتى تستأنسوا ) ، قيل : معناه أي تستأذنوا وتسلموا على أهلها .

                                                                            وقال قوم : يقدم السلام ، فيقول : سلام عليكم أأدخل ، وهو الأولى ، وقوله عز وجل : ( حتى تستأنسوا ) ، قيل معناه : وتستأذنوا ، وفيه تقديم وتأخير ، أي تسلموا وتستأذنوا ، وقيل : هو [ ص: 284 ] أن يتكلم بتسبيحة أو تكبيرة ، أو يتنحنح ينظر هل فيها أحد يأذن له من قولهم : ( آنست نارا ) ، أي أبصرتها ، وقيل : الاستئناس طلب الأنس ، ومعناه هذا أيضا ، وهو أن ينظر هل فيه إنسان يأذن له ؟ وقد روي عن كلدة بن حنبل ، أن صفوان بن أمية بعثه بلبن وجداية وضغابيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي ، قال : فدخلت عليه ، ولم أسلم ولم أستأذن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ارجع فقل : السلام عليكم أأدخل ؟ " .

                                                                            والجداية الصغير من الظباء بفتح الجيم وكسرها ، والضغابيس صغار القثاء ، واحدها ضغبوس .

                                                                            وروي عن ابن عمر استأذن عليه رجل ، فقال : أدخل ؟ قال ابن عمر : لا ، فأمر بعضهم الرجل أن يسلم ، فسلم ، فأذن له .

                                                                            وروي مثل هذا عن ابن سيرين مرسلا مرفوعا .

                                                                            وقيل : إن وقع بصره على إنسان ، قدم السلام ، وإلا قدم الاستئذان .

                                                                            وروي عن مجاهد وقتادة ، أنهما قالا : إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد ، فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإن الملائكة ترد .

                                                                            وروي عن قتادة في قوله : ( فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله ) ، قال : بيتك إذا دخلته ، فقل : سلام عليكم ، وعن الزهري مثله . [ ص: 285 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية