الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3231 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، قال: جاء نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، إن صاحبا لنا اشتكى، أفنكويه؟ قال: فسكت ساعة، ثم قال: "إن شئتم فاكووه، وإن شئتم فارضفوه، يعني بالحجارة". [ ص: 145 ] .

                                                                            وروي عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم، "كوى سعد بن معاذ بيده من رميته بمشقص، ثم ورمت، فحسمه الثانية".

                                                                            والمشقص: نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض، فإن كان عريضا، فهو المعبلة.

                                                                            وعن جابر، قال: "رمي أبي بن كعب يوم الأحزاب على أكحله، فبعث النبي إليه طبيبا، فقطع منه عرقا، ثم كواه عليه".

                                                                            وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، "كوى أسعد بن زرارة من الشوكة".

                                                                            وروي، "أنه كواه في حلقه من الذبحة".

                                                                            وقال أنس: "كويت من [ ص: 146 ] ذات الجنب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، وشهدني أبو طلحة، وأنس بن النضر، وزيد بن ثابت، وأبو طلحة كواني".

                                                                            وعن ابن عمر، أنه اكتوى في أصل أذنه من اللقوة، وكوى ابنه واقدا.

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي: الكي داخل في جملة العلاج والتداوي المأذون فيه، والنهي عن الكي يحتمل أن يكون من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره، ويرون أنه يحسم الداء ويبرئه، وإذا لم يفعل، هلك صاحبه، ويقولون: آخر الدواء الكي، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، إذا كان على هذا الوجه، وأباح استعماله على معنى طلب الشفاء والترجي للبرء بما يحدث الله من صنعه فيه، فيكون الكي والدواء سببا لا علة.

                                                                            وفيه وجه آخر، وهو أن يكون نهيه عن الكي، هو أن يفعله احترازا عن الداء قبل وقوع الضرورة، ونزول البلية، وذلك مكروه، وإنما أبيح العلاج، والتداوي عند وقوع الحاجة، ودعاء الضرورة إليه، [ ص: 147 ] وقد يحتمل أن يكون إنما نهى عمران عن الكي في علة بعينها لعلمه أنه لا ينجع، ألا تراه يقول: فما أفلحنا، وقد كان به الباسور، ولعله إنما نهاه عن استعمال الكي في موضعه من البدن، والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورا، والكي في بعض الأعضاء يعظم خطره، وليس كذلك في بعضها، فيشبه أن يكون النهي منصرفا إلى النوع المخوف، والله أعلم.

                                                                            وروي عن ابن عمر، أنه اكتوى من اللقوة، ورقي من العقرب.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية