الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3386 - أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أنا عبد الغافر بن محمد، أنا محمد بن عيسى، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان، نا مسلم بن الحجاج، نا عمرو الناقد، نا سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تقولوا: الكرم، فإن الكرم قلب المؤمن ". [ ص: 356 ] .

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            ورواه الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، " لا يقولن أحدكم الكرم، فإن الكرم الرجل المسلم، ولكن قولوا حدائق الأعناب ".

                                                                            ورواه علقمة بن وائل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، " ولكن قولوا العنب والحبلة ".

                                                                            قال الإمام : قد قيل في معنى نهيه عن تسمية هذه الشجرة كرما : أن هذا الاسم عندهم مشتق من الكرم ، سموا شجرة العنب كرما ، لأنه يتخذ منه الخمر ، وهي تحث على السخاء والكرم ، فاشتقوا لتلك الشجرة اسما من الكرم ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم تسميته لشيء حرمه الشرع باسم مأخوذ من الكرم ، وأشفق أن يدعوهم حسن الاسم إلى شرب الخمر المتخذة من ثمرها ، فسلبها هذا الاسم تحقيرا لشأنها وتأكيدا لحرمتها ، وجعله صفة للمسلم الذي يتوقاها ، ويمنع نفسه عن محارم الشرع عزة وتكرما ، قال الله سبحانه وتعالى في صفة عباده : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) ، أي : معرضين عنه ، قد أكرموا أنفسهم من الدخول فيه ، وقال جل ذكره : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، وقوله : " إن الكرم قلب المؤمن " ، لما فيه من نور الإيمان ، وتقوى الإسلام . [ ص: 357 ] .

                                                                            وقوله : " لا يقل ابن آدم : يا خيبة الدهر " ، فمعناه : أن العرب كان من شأنها ذم الدهر ، وسبه عند النوازل ، لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره ، فيقولون : أصابهم قوارع الدهر ، وأبادهم الدهر ، وذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه عنهم ، فقال : ( وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ) ، وإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد ، سبوا فاعلها ، فكان مرجع سبهم إلى الله عز وجل ، إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر ، فنهوا عن سب الدهر .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية