الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3381 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا عبد الرحيم بن منيب، نا يعلى، عن الأعمش، أراه عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقولن أحدكم: عبدي، فإن كلكم عبد، وليقل: فتاي، ولا يقولن: ربي، فإن ربكم الله، وليقل: سيدي ".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن زهير بن حرب، عن جرير، عن الأعمش ولم يذكر "فإن ربكم الله".

                                                                            وقال وكيع، وأبو معاوية، عن الأعمش، " ولا يقل العبد لسيده: مولاي "، زاد أبو معاوية" فإن مولاكم الله ".

                                                                            قيل : إنما منع من أن يقول : ربي أو اسق ربك ، لأن الإنسان مربوب متعبد بإخلاص التوحيد ، فكره له المضاهاة بالاسم لئلا يدخل في معنى الشرك ، والعبد والحر فيه بمنزلة واحدة ، فأما ما لا تعبد عليه من سائر الحيوان والجماد ، فلا يمنع منه ، كقولك : رب الدار ، ورب الدابة والثوب ، ولم يمنع العبد أن يقول : سيدي ومولاي ، لأن مرجع السيادة إلى معنى الرياسة على من تحت يده ، والسياسة له ، وحسن التدبير لأمره ، ولذلك سمي الزوج سيدا ، [ ص: 351 ] قال الله سبحانه وتعالى : ( وألفيا سيدها لدا الباب ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما : " إن ابني هذا سيد ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين " .

                                                                            وكان ما جرى منه في ذلك الوقت حسن التدبير والنظر ، وإن كان أحق بالأمر من غيره .

                                                                            والمولى كثير التصرف من ولي ، وناصر ، وابن عم ، وحليف ، ومعتق ، وأصله من ولاية أمر وإصلاحه ، فلم يمنع من أن يوصف به مالك الرقبة على أنه قد جاء في رواية " ولا يقل العبد : مولاي " ، ومنع السيد من أن يقول : عبدي ، لأن هذا الاسم من باب المضاف ، ومقتضاه العبودية له ، وصاحبه عبد لله ، متعبد بأمره ونهيه ، فإدخال مملوكه تحت هذا الاسم يوهم التشريك ، ومعنى هذا الاسم راجع إلى البراءة من الكبر ، والتزام الذل والخضوع ، فلم يحسن لعبد أن يقول : فلان عبدي ، بل يقول : فتاي ، وإن كان قد ملك فتاه امتحانا وابتلاء من الله لخلقه ، كما قال الله سبحانه وتعالى : ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ) ، وعلى هذا امتحان الله أنبياءه ، ابتلي يوسف بالرق ، ودانيال صلى الله عليهما حين سباه بختنصر . [ ص: 352 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية