الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب رؤية العيون والمياه.

                                                                            3295 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن خارجة بن زيد، قال: كانت أم العلاء الأنصارية، تقول: " لما قدم المهاجرون المدينة، اقترعت الأنصار على سكناهم، قالت: فطار لنا عثمان بن مظعون في السكنى، فمرض، فمرضناه، ثم توفي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي أن قد أكرمك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله قد أكرمه؟ قلت: لا والله لا أدري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما هو، فقد آتاه الله اليقين من ربه، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به ولا بكم، قالت: فوالله لا أزكي بعده أحدا أبدا، قالت: [ ص: 244 ] ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عينا تجري، فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ذاك عمله ".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه محمد، عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك، عن معمر.

                                                                            وقال معمر: فسمعت غير الزهري يقول: كره المسلمون ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان حتى توفيت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "الحقي بفرطنا عثمان بن مظعون".

                                                                            قال الإمام: "العين الجارية" عبرها صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه بالعمل الجاري.

                                                                            والساقية الصغيرة التي لا يغرق في مثلها حياة طيبة.

                                                                            والبحر هو الملك الأعظم، فإن استقى منه ماء، أصاب من الملك مالا.

                                                                            والنهر رجل بقدر عظمه.

                                                                            والماء الصافي إذا شرب، فهو خير وحياة طيبة، فإن كان كدرا، أصابه مرض.

                                                                            وشرب الماء المسخن، ودخول الحمام هم ومرض.

                                                                            والماء الراكد أضعف في التأويل من الجاري.

                                                                            والمطر غياث ورحمة إن كان عاما، فإن كان خاصا في موضع، فهو أوجاع تكون في ذلك الموضع.

                                                                            والطين والوحل والماء الكدر هم وحزن.

                                                                            والسيل [ ص: 245 ] عدو يتسلط.

                                                                            والثلج والبرد والجليد هم وعذاب إلا أن يكون الثلج قليلا في موضعه وحينه، فحينئذ يكون خصبا لأهل ذلك الموضع.

                                                                            والسباحة في الماء احتباس أمر.

                                                                            والمشي على الماء قوة يقين.

                                                                            ومن غمره الماء أصابه هم غالب.

                                                                            والغرق فيه إذا لم يمت غرق في أمر الدنيا.

                                                                            وانفجار العيون من الدار والحائط وحيث ينكر انفجارها هم، وحزن، ومصيبة، وبكاء بقدر قوة العين.

                                                                            والخمر مال حرام، فإن سكر منها، أصاب معه سلطانا.

                                                                            والسكر من غير الشراب خوف.

                                                                            والنبيذ الذي يحل شربه مال حلال وفيه نصب لما ناله من النار.

                                                                            ومن اعتصر خمرا، خدم السلطان وأخصب، وجرت على يده أمور عظام، قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن رؤيا صاحب السجن: ( قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا ) ، فأوله يوسف عليه السلام: ( أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ) .

                                                                            وشرب اللبن فطرة، وقد يكون مالا حلالا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت، ثم أعطيت فضلي عمر"، قالوا: فما أولت يا رسول الله؟ قال: "العلم".

                                                                            وروي أن امرأة رأت في المنام أنها تحلب حية، فسألت ابن سيرين، فقال: هذه امرأة يدخل عليها أهل الأهواء، اللبن فطرة، والحية عدو ليست من الفطرة في شيء.

                                                                            والأشجار كلها رجال أحوالهم كأحوال الشجر في الطبع والنفع ، فمن رأى شجرا ، وأصاب شيئا من ثمره ، أصاب مالا من رجل في مثل حال ذلك الشجر ، فالنخلة رجل شريف ، والتمر مال ، وشجر الجوز رجل أعجمي شحيح ، والجوز نفسه مال مكنوز . [ ص: 246 ] .

                                                                            وشجرة السدر رجل شريف .

                                                                            وشجرة الزيتون رجل مبارك نفاع .

                                                                            وثمر الزيتون هم وحزن .

                                                                            والزيت خير وبركة .

                                                                            وشجر الرمان رجل على قدرها ، والرمان مال مجموع إذا كان حلوا .

                                                                            والحامض هم وحزن .

                                                                            والكرم والبستان امرأة .

                                                                            والعنب الأبيض في وقته غضارة الدنيا وخيرها ، وفي غير وقته مال يناله قبل الوقت الذي يرجوه .

                                                                            والأشجار العظام التي لا ثمر لها كالدلب والصنوبر إن رأى شيئا منها ، فهو رجل ضخم بعيد الصوت ، قليل الخير والمال .

                                                                            والشجر ذات الشوك رجل صعب المرام .

                                                                            والصفر من الثمار مثل المشمش ، والكمثرى ، والزعرور الأصفر ، ونحوها أمراض .

                                                                            والحامض منها هم وحزن .

                                                                            والحبوب كلها مال .

                                                                            والحشيش والكلأ مال .

                                                                            والزرع عمله في دينه أو دنياه .

                                                                            والثوم ، والبصل ، والجزر ، والشلجم هم وحزن .

                                                                            والرياحين كلها بكاء وحزن إلا ما يرى منها نابتا في موضعه من غير أن يمسه وهو يجد ريحه فيكون ولدا .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية