الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3296 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا محمد بن العلاء، نا [ ص: 247 ] حماد بن أسامة، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى، أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا، فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح، واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقرا، والله خير، فإذا هم المؤمنون يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير، وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم أيضا، عن أبي كريب محمد بن العلاء، عن أبي أسامة حماد بن أسامة.

                                                                            قوله : " فذهب وهلي أو وهمي " يقال وهل الرجل يهل : إذا وهم [ ص: 248 ] الشيء ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى المدينة يثرب ، وقد نهى عنه بعده وسماها طابة ، لأنه كان يغير الاسم القبيح إلى الحسن على التبرك والتفاؤل .

                                                                            قال الإمام : هذا الحديث يشتمل على أنواع من الرؤيا منها السيف ، والسيف السلطان ، فإن رآه قد رفعه فوق رأسه ، نال سلطانا مشهورا ، فإن لم يكن ممن ينبغي له ، فهو ولد ، وكذلك كل من أعطي سكينا ، أو رمحا ، أو قوسا ليس معه سلاح ، فهو ولد ، فإن كان معه سلاح ، فهو سلطان ، وما حدث في السيف من انكسار أو ثلمة أو كدورة ، فهو حدث فيما ينسب السيف إليه في التأويل ، فإن رأى أنه سل سيفا من غمد ، ولدت امرأته غلاما ، فإن انكسر السيف في الغمد ، مات الولد ، وإن انكسر الغمد دون السيف ، ماتت الأم ، وسلم الولد .

                                                                            والرمي عن القوس نفوذ كتبه في سلطانه بالأمر والنهي .

                                                                            وانكسار القوس مصيبة .

                                                                            والبقر سنون ، فإن كانت سمانا ، كانت مخاصيب ، وإن كانت عجافا كانت مجاديب ، قال الله سبحانه وتعالى في قصة يوسف : ( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن ) ، فأول يوسف عليه السلام أكل البقرات العجاف البقرات السمان بالسنين المجاديب تأكل ما جمع لها في السنين المخاصيب .

                                                                            ومن ركب ثورا ، أصاب مالا من عمل السلطان ، واستمكن من عامل .

                                                                            وإن رأى ثورا من العوامل ذبح وقيم لحمه ، فهو موت عامل وقسمة تركته .

                                                                            فإن كانت من غير العوامل ، كان رجلا ضخما .

                                                                            والبعير رجل ضخم .

                                                                            والناقة امرأة .

                                                                            ومن رأى أنه راكب بعير مجهول سافر ، وإن نزل عنه [ ص: 249 ] مرض .

                                                                            وإن دخل جماعة من الإبل أرضا ، دخلها عدو ، وربما كان سيلا ، وربما كان أوجاعا .

                                                                            ومن رأى أنه يرعى غنما سودا ، فهم أناس من العرب ، فإن كانت بيضا ، فمن العجم ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " أريت غنما كثيرة سودا دخلت فيها غنم كثيرة بيض " ، قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : " العجم يشركونكم في دينكم وأنسابكم ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجل من العجم وأسعدهم به فارس " .

                                                                            والكبش رجل ضخم .

                                                                            والنعجة امرأة شريفة .

                                                                            والعنز يجري مجرى النعجة إذا كان في الرؤيا ما يدل على المرأة ، إلا أن العنز دون النعجة في الشرف والحسب ، وقد يجري العنز مجرى البقرة في كونها سنة مخصبة إن كانت سمينة ، أو مجدبة إن كانت عجفاء .

                                                                            والفرس عز [ ص: 250 ] وسلطان .

                                                                            والأنثى امرأة شريفة .

                                                                            والبغل سفر .

                                                                            والحمار جد الرجل يسعى به ، فمن رأى أنه ذبح حماره ليأكل من لحمه ، أصاب مالا بجده .

                                                                            والفيل سلطان أعجمي ، فإن ركبه في أرض حرب ، كانت الدبرة على أصحاب الفيل ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) .

                                                                            ومن أصاب حمار وحش أو وعلا وضميره أنه يريد أكله يصيب غنيمة .

                                                                            ومن رأى أنه راكب حمار وحش يصرفه كيف يشاء ، فهو راكب معصية ، أو يفارق رأي جماعة المسلمين .

                                                                            والأسد عدو قاهر .

                                                                            والخنزير رجل دني شديد الشوكة .

                                                                            والضبع امرأة سوء قبيحة .

                                                                            والدب عدو دنيء أحمق .

                                                                            والذئب سلطان غشوم ، أو لص ضعيف كذاب .

                                                                            والثعلب : كثير الاختلاف في التأويل ، فمن رأى أنه ينازعه خاصم ذا قرابة ، وإن طلب ثعلبا ، أصابه وجع ، وإن طلبه ثعلب أصابه فزع ، ومن رأى ثعلبا يهرب منه فهو غريم يراوغه ، ومن أصاب ثعلبا ، أصاب امرأة يحبها حبا ضعيفا ، وابن آوى يجري مجرى الثعلب ، إلا أنه أضعف .

                                                                            والكلب عدو دنيء غير مبالغ في عداوته .

                                                                            والقرد عدو ملعون .

                                                                            والحية عدو مكاتم العداوة .

                                                                            والعقرب عدو ضعيف لا تجاوز عداوته لسانه .

                                                                            وكذلك سائر الهوام أعداء على منازلهم ، وذو السم منها أبلغ في العداوة .

                                                                            والنسر ، والعقاب سلطان قوي .

                                                                            والحدأة ملك خامل الذكر ، شديد الشوكة .

                                                                            والبازي سلطان ظالم .

                                                                            والصقر قريب منه .

                                                                            والغراب إنسان فاسق كذوب .

                                                                            والعقعق إنسان لا عهد له ، ولا حفاظ ولا دين . [ ص: 251 ] .

                                                                            والطاوس الذكر ملك أعجمي .

                                                                            والأنثى امرأة حسناء أعجمية .

                                                                            والحمامة امرأة أو خادمة .

                                                                            والفاختة امرأة غير ألفة .

                                                                            والدجاج خدم .

                                                                            والديك رجل أعجمي من نسل الملوك ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : رأيت فيما يرى النائم أن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين ، فأولت أن رجلا من العجم سيقتلني ، فقتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة .

                                                                            والعصفور رجل ضخم عظيم القدر .

                                                                            والبلبل غلام صغير .

                                                                            والببغاء ولد يناغي .

                                                                            والطاوس أنيس من وحشة .

                                                                            والخفاش عابد مجتهد .

                                                                            والزرزور صاحب أسفار .

                                                                            والهدهد كاتب يتعاطى دقيق العلم ، ولا دين له ، والثناء عليه قبيح لنتن ريحه .

                                                                            والزنابير والذباب سفلة الناس وغوغاؤهم .

                                                                            والنحلة إنسان كسوب عظيم الخطر والبركة .

                                                                            وطير الماء أفضل الطير في التأويل ، لأنها أكثرها ريشا ، وأقلها غائلة ، وله سلطانان سلطان في البر ، وسلطان في الماء .

                                                                            والسمك الطري الكبار منه إذا كثر عددها مال وغنيمة .

                                                                            وصغارها هموم كالصبيان .

                                                                            ومن أصاب سمكة طرية أو سمكتين ، أصاب امرأة أو امرأتين ، فإن أصاب في بطنها لؤلؤة ، أصاب منها غلاما .

                                                                            والضفدع إنسان عابد مجتهد ، فإن كثرت الضفادع ، فعذاب .

                                                                            والجراد جند ، والجنود إذا دخلت موضعا فهي جراد . [ ص: 252 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية