الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3371 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا عبد الرحيم بن منيب، أنا النضر بن شميل، حدثنا عوف، عن خلاس بن عمرو، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "اشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله، واشتد غضب الله على رجل [ ص: 338 ] يسمى ملك الأملاك لا ملك إلا الله".

                                                                            وروي عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسمين غلامك يسارا، ولا رباحا، ولا نجيحا، ولا أفلح، فإنك تقول: أثم هو، فيقول: لا ".

                                                                            قلت : معنى هذا أن الناس إنما يقصدون بهذه الأسماء التفاؤل بحسن ألفاظها ومعانيها ، وربما ينقلب عليهم ما قصدوه إلى الضد إذا سألوا وقالوا : أثم يسار أو نجيح ، فقيل : لا ، فتطيروا بنفيه ، وأضمروا الإياس من اليسر والنجاح ، فنهاهم عن السبب الذي يجلب سوء الظن ، والإياس من الخير .

                                                                            قال حميد بن زنجويه : فإذا ابتلي رجل في نفسه أو أهله ببعض هذه الأسماء ، فليحوله إلى غيره ، فإن لم يفعل ، فقيل : أثم يسار ، أثم بركة ، فإن من الأدب أن يقال : كل ما ها هنا يسر وبركة والحمد لله ، ويوشك أن يأتي الذي تريد ، ولا يقال : ليس ها هنا ، ولا خرج . [ ص: 339 ] .

                                                                            ومما لا يحسن من الأسماء إن سئل عنه أن يقال : ليس ها هنا أو خرج ، كل اسم عبد وحامد ومسلم ومبارك وميمون .

                                                                            ومن أسماء النساء سلامة وعافية وميمونة وما أشبهها ، ولكن يقول : كلنا عبيد الله وحامدون ومسلمون ومباركون وميمونون ، وقد خرج صاحبك ، وكل ما ها هنا عافية وسلامة وكلهن ميمونات .

                                                                            وقال عبد الرحمن بن أبي نعم : يكره أن يسمى الرجل مرة ، ويكتنى بأبي مرة ، وجاء في الحديث " شر الأسماء حرب ومرة " .

                                                                            ويروى عن جابر ، قال : " أراد النبي عليه السلام أن ينهى عن أن يسمى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار وبنافع وبنحو ذلك ، ثم سكت عنها ، فلم يقل شيئا ، ثم قبض النبي عليه السلام ، ولم ينه عن ذلك ، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك ، ثم تركه " .

                                                                            وكره بعضهم مالكا والحارث ، وقال : مالك صاحب النار ، والحارث كان اسم إبليس .

                                                                            قال عطاء : بلغني ذلك ، وقد روينا " إن أصدق الأسماء الحارث وهمام " ، ويروى النهي عن تسمية الوليد .

                                                                            وروي عن عمر أنه أراد أن يكتب إلى رجل من العجم اسمه : جوان به ، فقال : ما جوان به ؟ قالوا : خير الفتيان ، قال : فاكتب إلى شر الفتيان ، فلعل من أسمائهم ما لا ينبغي لنا أن نتكلم به .

                                                                            قيل : يكره مثل هذه الأسماء لما فيه من التكبر ، وتزكية النفس مثل مردان به ، ومردانشاه .

                                                                            وفي أسماء النساء : دختانشاه وشاه زنان وما أشبه ذلك . [ ص: 340 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية