الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب استحباب أن يرى أثر نعمة الله عز وجل على الرجل.

                                                                            3118 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص الجشمي، عن أبيه، قال: " رآني النبي صلى الله عليه وسلم وعلي أطمار، قال: هل لك من مال؟ قال: قلت: نعم، قال: من أي المال؟، [ ص: 48 ] قال: قلت: من كل قد آتاني الله من الشاء والإبل، قال: فلير نعمة الله وكرامته عليك، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تنتج إبلك وافية آذانها؟ قال: وهل تنتج إلا كذلك، ولم يكن أسلم يومئذ، قال: فلعلك تأخذ موساك، فتقطع أذن بعضها، وتقول: هذه بحر، وتشق أذن أخرى، فتقول: هذه صرم؟ قال: نعم، قال: فلا تفعل، فإن كل ما آتاك الله حل، وإن موسى الله أحد، وساعد الله أشد، قال: يا محمد، أرأيت إن مررت برجل فلم يقرني، ولم يضفني، ثم مر بي بعد ذلك أقريه، أم أجزيه؟ قال: بل اقره ".

                                                                            قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

                                                                            وأبو الأحوص: اسمه عوف بن مالك بن نضلة الجشمي.

                                                                            قوله: "تنتج إبلك"، يقال: نتجت الناقة: إذا ولدت، فهي منتوجة، كما يقال: نفست المرأة، فهي منفوسة، ونتجت الناقة، أنتجها: وهو أن تلي نتاجها، والناتج للإبل كالقابلة للنساء، [ ص: 49 ] وأنتجت الفرس: حملت، فهي نتوج، ولا يقال منتج.

                                                                            وقوله: "هذه بحر" هي من البحيرة التي ذكرها الله عز وجل: ( ما جعل الله من بحيرة ) وهي الناقة، كانت إذا نتجت خمسة أبطن، نظروا في الخامس، فإن كان ذكرا، نحروه، فأكله الرجال والنساء، وإن كان أنثى، بحروا أذنها، أي: شقوها، فكانت حراما على النساء لحمها ولبنها وركوبها، فإذا ماتت، حلت للنساء.

                                                                            والصرم جمع الصريم: وهو الذي صرم أذنه، أي: قطع، وفي بعض الروايات: فتقول: "هذه صرم فتحرمها عليك وعلى أهلك"، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عما كان عليه أهل الجاهلية من قطع آذان الأنعام، وتحريم بعضهن، وتحليل بعضهن على خلاف ما أمر الله سبحانه وتعالى به.

                                                                            وروي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".

                                                                            قال الإمام: هذا في تحسين الثياب بالتنظيف، والتجديد عند الإمكان من غير أن يبالغ في النعامة والدقة، ومظاهرة الملبس على الملبس على ما هو عادة العجم، وقد روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثير من الإرفاه" يدل عليه ما.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية