الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3289 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا عبد الله بن محمد، نا أزهر السمان، عن ابن عون، عن محمد، هو ابن سيرين، عن قيس بن عباد، قال: " كنت جالسا في مسجد [ ص: 230 ] المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر خشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة.

                                                                            فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم خرج، وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد، قالوا: هذا رجل من أهل الجنة.

                                                                            قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لم ذاك؟ رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة، ذكر من سعتها وخضرتها، وسطها عمود من حديد، أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: ارقه.

                                                                            قلت: لا أستطيع.

                                                                            فأتاني منصف، فرفع ثيابي من خلفي، فرقيت حتى كنت في أعلاها، فأخذت بالعروة، فقيل لي: استمسك، فاستيقظت، وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: تلك الروضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت، وقال: الرجل عبد الله بن سلام ".
                                                                            [ ص: 231 ] .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن محمد بن مثنى، عن معاذ بن معاذ، عن عبد الله بن عون.

                                                                            والمنصف: الخادم، والجمع المناصف، يقال نصفت الرجل، فأنا أنصفه نصافة: إذا خدمته.

                                                                            قال الإمام: من رأى في النوم أنه قد صعد السماء فدخلها، نال شرفا وذكرا، ونال الشهادة، فإن رأى نفسه فيها، لم يدر متى صعد إليها، فهو شرف معجل، وشهادة مؤجلة.

                                                                            والشمس ملك عظيم، وما رأى فيها من تغير أو كسوف، فهو حدث بالملك من هم أو مرض، أو نحو ذلك.

                                                                            والقمر وزير الملك في التأويل، والزهرة امرأته، وعطارد كاتبه، والمريخ صاحب حربه، وزحل صاحب عذابه، والمشتري صاحب ماله، وسائر النجوم العظام أشراف الناس، وإنما يكون القمر وزيرا ما رئي في السماء، فإن رآه عنده أو في حجره، أو في بيته تزوج زوجا بقدر ضوئه ونوره رجلا كان أو امرأة.

                                                                            رأت عائشة ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها، فقصت الرؤيا على أبي بكر، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها، قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارك، وهو خيرها. [ ص: 232 ] .

                                                                            وكانت الشمس في تأويل رؤيا يوسف صلى الله عليه وسلم أباه، والقمر خالته، والكواكب الأحد عشر إخوته، كما قال الله سبحانه وتعالى: ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل ) ، وكانت رؤياه في حال صباه، وظهر تأويلها بعد أربعين سنة.

                                                                            وروي أن ابن سيرين رأى في المنام كأن الجوزاء تقدمت الثريا، فأخذ في الوصية، وقال: يموت الحسن وأموت بعده هو أشرف مني.

                                                                            وسأل رجل ابن سيرين، فقال: رأيت كأني أطير بين السماء والأرض؟ قال: أنت رجل كثير المنى.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية