الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3288 - أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني، أنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي، أنا عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر الجوربذي، نا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من رآني في المنام، فسيراني في اليقظة، أو لكأنما رآني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي".

                                                                            وقال أبو سلمة: قال أبو قتادة: "من رآني، فقد رأى الحق".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبدان، عن عبد الله، عن يونس، وقال: "من رآني في المنام، فسيراني في اليقظة".

                                                                            وأخرجه مسلم، عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس على الشك.

                                                                            قال الإمام: رؤية الله في المنام جائزة، قال معاذ: عن النبي صلى الله عليه وسلم، "إني نعست فرأيت ربي".

                                                                            وتكون رؤيته جلت قدرته ظهور العدل، والفرج، والخصب، والخير لأهل ذلك الموضع، فإن رآه فوعد له جنة، أو مغفرة، أو نجاة من النار، فقوله حق، ووعده صدق، وإن رآه ينظر إليه، فهو رحمته، وإن رآه معرضا عنه، فهو تحذير من الذنوب، لقوله سبحانه وتعالى: ( أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ) ، وإن أعطاه شيئا من متاع الدنيا فأخذه، فهو بلاء، ومحن، وأسقام تصيب بدنه، يعظم بها أجره [ ص: 228 ] لا يزال يضطرب فيها حتى يؤديه إلى الرحمة، وحسن العاقبة.

                                                                            ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق، ولا يتمثل الشيطان به، وكذلك جميع الأنبياء، والملائكة عليهم السلام، وكذلك الشمس، والقمر، والنجوم المضيئة، والسحاب الذي فيه الغيث، لا يتمثل الشيطان بشيء منها.

                                                                            ومن رأى نزول الملائكة بمكان، فهو نصرة لأهل ذلك المكان، وفرج إن كانوا في كرب، وخصب إن كانوا في ضيق وقحط، وكذلك رؤية الأنبياء صلوات الله عليهم.

                                                                            ومن رأى ملكا يكلمه ببر، أو بعظة، أو بصلة، أو يبشره، فهو شرف في الدنيا، وشهادة في العاقبة.

                                                                            ورؤية الأنبياء مثل رؤية الملائكة إلا في الشهادة، لأن الأنبياء كانوا يخالطون الناس، والملائكة عند الله سبحانه وتعالى لا يراهم الناس، كما قال الله عز وجل: ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ) ، وقال الله سبحانه وتعالى في الشهداء: ( والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ) .

                                                                            ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في مكان سعة لأهل ذلك المكان إن كانوا في ضيق، وفرج إن كانوا في كرب، ونصرة إن كانوا في ظلم، وكذلك رؤية الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ورؤية أهل الدين بركة وخير على قدر منازلهم في الدين، ومن رأى النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا في المنام، لم يزل خفيف الحال، مقلا في دنياه من غير حاجة قادحة، ولا خذلان من الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه".

                                                                            ورؤية الإمام إصابة خير وشرف. [ ص: 229 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية