الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3180 - أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي الجرجاني، نا أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي، أنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، أنا الحسن بن الفرج أبو علي الأزدي، بغزة، نا عمرو بن خالد الحراني، نا عبيد الله، عن عبد الكريم هو الجزري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لا يجدون رائحة الجنة". [ ص: 93 ] .

                                                                            قال الإمام: وروي عن نافع، عن ابن عمر، "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته بالورس والزعفران، وكان ابن عمر يفعل ذلك".

                                                                            وعن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها يعني بالصفرة، ولم يكن شيء أحب إليه منها، وكان يصبغ بها ثيابه كلها حتى عمامته".

                                                                            وروي عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل قد خضب بالحناء، قال: "ما أحسن هذا!" قال: فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم، فقال: "هذا أحسن من هذا"، ثم مر آخر قد خضب بالصفرة، فقال: "هذا أحسن من هذا كله".

                                                                            وكان الحسن البصري يصفر لحيته حينا ثم تركه.

                                                                            وعن أبي أمامة، وجرير بن عبد الله، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن بسر، أنهم كانوا يصفرون لحاهم.

                                                                            وكان سالم بن عبد الله، وسعيد بن المسيب، يفعلان ذلك.

                                                                            قال أبو هارون العبدي: كان أبو سعيد الخدري لا يخضب، وكانت لحيته بيضاء.

                                                                            وقال أبو إسحاق: رأيت عليا على [ ص: 94 ] المنبر أبيض الرأس واللحية، عليه إزار ورداء.

                                                                            وقال الحسن: رأيت أبي بن كعب أبيض الرأس واللحية.

                                                                            وقال عدي بن عدي: رأيت جابر بن عبد الله أبيض الرأس واللحية.

                                                                            وقال جرير بن حازم: رأيت عطاء بن أبي رباح، ورجاء بن حيوة، ومكحولا، والحكم بن عتيبة لحاهم بيض.

                                                                            وقال سعيد بن جبير: يعمد أحدكم إلى نور جعله الله في وجهه فيطفئه، وكان شديد بياض الرأس واللحية.

                                                                            وكره قوم الخضاب بالسواد، ولم يكرهه قوم، قال الشعبي: رأيت الحسن بن علي قد خضب بالسواد.

                                                                            وقال معمر: عن الزهري، كان الحسين بن علي يخضب بالسواد.

                                                                            قال معمر: ورأيت الزهري يغلف بالسواد، وكان قميصا.

                                                                            وقال ابن شهاب: عن سعد بن أبي وقاص، إنه كان يخضب بالسواد.

                                                                            وروي أن أبا سلمة بن عبد الرحمن كان يخضب بالسواد.

                                                                            وسئل محمد بن علي عن الوسمة؟ فقال: هو خضابنا أهل البيت.

                                                                            وقال معمر: عن قتادة، رخص في صباغ الشعر بالسواد للنساء.

                                                                            وعن حماد بن سلمة، عن أم شبيب، قالت: " سألنا عائشة عن تسويد الشعر؟ قالت: لوددت أن عندي شيئا سودت به شعري ".

                                                                            وقال مالك في صبغ الشعر بالسواد: لم أسمع في ذلك بشيء، وغير ذلك من الصبغ أحب إلي، وترك الصبغ كله واسع للناس.

                                                                            وقال أيوب: عن محمد بن سيرين، لا أعلم بخضاب السواد بأسا إلا أن يغر به رجل امرأة. [ ص: 95 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية