الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3375 - حدثنا المطهر بن علي، أنا محمد بن إبراهيم الصالحاني، أنا عبد الله بن محمد بن جعفر، نا محمد بن يحيى بن منده، نا أحمد بن المقدام، نا عمر بن علي المقدمي، قال: سمعت هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الاسم القبيح إلى الاسم الحسن".

                                                                            وروي عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، "كان يغير الاسم القبيح".

                                                                            وروي عن سهل بن سعد، " أن رجلا كان اسمه أسود، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم أبيض.

                                                                            وروي عن أسامة بن أخدري، أن رجلا يقال له: أصرم، قال [ ص: 343 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اسمك؟" قال: أنا أصرم.

                                                                            قال: "بل أنت زرعة".


                                                                            قلت : إنما غير اسم الأصرم ، لأن معنى الصرم القطيعة ، فكرهه لهذا .

                                                                            قال أبو داود : وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص وعزيزا وعتلة وشيطانا والحكم وغرابا وحبابا وشهابا ، فسماه هشاما ، وسمى حربا سلما ، وسمى المضطجع المنبعث ، وأرض تسمى عفرة سماها خضرة ، وشعب الضلالة سماهم بني الرشد ، وسمى بني مغواة بني رشد .

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي : أما العاص ، فإنما غيره كراهية لمعنى العصيان ، وإنما سمة المؤمن الطاعة والاستسلام ، والعزيز إنما غيره ، لأن العزة لله ، وشعار العبد الذلة والاستكانة ، وعتلة : معناها الشدة والغلظ ، ومنه قولهم : رجل عتل ، أي : شديد غليظ ، ومن صفة المؤمن اللين والسهولة ، وشيطان : اشتقاقه من الشطن ، وهو البعد من الخير ، وهو اسم المارد الخبيث من الجن والإنس ، والحكم : هو الحاكم الذي إذا حكم لا يرد حكمه ، وهذه الصفة لا تليق بغير الله عز وجل ، ومن أسمائه الحكم .

                                                                            وغراب مأخوذ من الغرب ، وهو البعد ، ثم هو حيوان خبيث الفعل ، خبيث الطعم ، أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله في الحل [ ص: 344 ] والحرم .

                                                                            وحباب : نوع من الحيات ، وروي أن الحباب اسم الشيطان ، والشهاب : الشعلة من النار ، والنار عقوبة الله .

                                                                            وأما عفرة : فهي نعت الأرض التي لا تنبت شيئا ، فسماها خضرة على معنى التفاؤل حتى تخضر .

                                                                            وروي عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده هانئ، أنه لما وفد على النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فما لك من الولد؟" قال: شريح وسلم وعبد الله.

                                                                            قال: "فمن أكبرهم؟" قال: شريح.

                                                                            قال: "فأنت أبو شريح".


                                                                            قلت : إن الأولى أن يكتني الرجل بأكبر بنيه ، فإن لم يكن له ابن ، فبأكبر بناته ، وكذلك المرأة تكتني بأكبر بنيها ، فإن لم يكن لها ابن ، فبأكبر بناتها ، وكان اسم أم سلمة هند ، فتكنت بابن لها يقال له : سلمة ، وأم حبيبة اسمها رملة ، فتكنت بحبيبة .

                                                                            وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه قال : " لا تسموا الحكم ، ولا أبا الحكم ، فإن الله هو الحكم " .

                                                                            وروي أن ابنا لعمر يكنى أبا [ ص: 345 ] عيسى ، فنهاه ، وقال : إن عيسى لا أب له .

                                                                            وكان اسم عبد الرحمن بن عوف في الجاهلية عبد الكعبة ، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية