الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            32 - كتاب الاستئذان.

                                                                            باب بدء السلام.

                                                                            3298 - أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، نا أبو بكر أحمد بن منصور بن سيار الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.

                                                                            ح وأخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، نا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، نا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خلق الله تعالى آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه، قال: اذهب، فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك، وتحية ذريتك، قال: فذهب، فقال: السلام عليكم، فقالوا: وعليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، طوله ستون ذراعا، فلم [ ص: 255 ] يزل الخلق ينقص حتى الآن ".

                                                                            وفي رواية الرمادي، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن محمد، وأخرجه مسلم، عن محمد بن رافع، كلاهما عن عبد الرزاق، وقالا: فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله، وأخرجه محمد، عن يحيى بن جعفر، عن عبد الرزاق، وقال: " فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله ".

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي في قوله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله آدم على صورته " ، الهاء مرجعها إلى آدم صلى الله عليه وسلم ، فالمعنى : أن ذرية آدم خلقوا أطوارا كانوا في مبدأ الخلق نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم صاروا صورا أجنة إلى أن تتم مدة الحمل ، فيولدون أطفالا ، وينشؤون صغارا إلى أن يكبروا ، فيتم طول أجسادهم ، يقول : إن آدم لم يكن خلقه على هذه الصفة ، ولكنه أول ما تناولته الخلقة ، وجد خلقا تاما طوله ستون ذراعا .

                                                                            وذكر بعضهم من فوائده أن الحية لما أخرجت من الجنة ، شوهت خلقتها ، وإن آدم كان مخلوقا في الأول على صورته التي كان عليها بعد الخروج من الجنة لم تشوه صورته ، ولم تغير خلقته .

                                                                            قال الإمام : التسليم على الأخ المسلم سنة ، والرد واجب ، فيقول المبتدئ : السلام عليكم ، هذا أقله ، وكماله أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

                                                                            ثم المجيب في الرد إذا قال : وعليك واقتصر عليه ، [ ص: 256 ] جاز ، والأفضل لمن يقول في الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

                                                                            وإن كان قد اقتصر المبتدئ على قوله : سلام عليكم ، لقول الله سبحانه وتعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) .

                                                                            وذهب بعضهم إلى أنه يقول في الجواب أيضا " السلام عليكم " حكي ذلك عن الحسن أنه كان إذا رد ، قال : سلام عليكم ، والأكثرون ذهبوا إلى أنه يقول في الجواب : وعليكم السلام ، بتقديم الخطاب ، لما روي عن أبي هريرة ، أن رجلا دخل المسجد فصلى ، ثم جاء فسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وعليك السلام ، ارجع فصل فإنك لم تصل " .

                                                                            وعن رفاعة بن رافع في هذا الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وعليك فارجع فصل " .

                                                                            وعن عمار بن ياسر أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " وعليكم السلام " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا جبريل يقرئك السلام " ، فقالت : وعليه السلام ورحمة الله . [ ص: 257 ] .

                                                                            وروي عن يحيى بن سعيد أن رجلا سلم على عبد الله بن عمر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والغاديات والرائحات ، فقال : وعليك ألفا ، ثم كأنه كره ذلك .

                                                                            وروي أن رجلا سلم على ابن عباس ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ثم زاد شيئا ، فقال ابن عباس : إن السلام انتهى إلى البركة .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية