الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2512 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا شريك ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر ، قال: أتي عمر بشاهد زور، فوقفه للناس يوما إلى الليل يقول: " هذا فلان شهد بزور، فاعرفوه، ثم حبسه " .

                                                                            ولا يجوز للشاهد أن يشهد إلا عن علم، قال الله سبحانه وتعالى: ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) وقال جل ذكره: ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) أي: لا تتبعه. [ ص: 133 ] .

                                                                            ثم من الشهادات ما يشترط فيه الرؤية وهي الشهادة على القتل، والإتلاف، ومنها ما يكتفى فيه بالسماع مثل النسب والأملاك المطلقة، ومنها ما يشترط فيه السماع، والمعاينة، مثل: العقود والأقارير، فيشترط فيها مشاهدة العاقد، والمقر، وسماع قولهما.

                                                                            واختلفوا في العتق، والولاء، والنكاح، والوقف أنها هل تثبت بالتسامع؟ فأثبتها بعضهم كالنسب، ولم يثبتها بعضهم إلا بأن يسمع عن المباشر مشاهدة.

                                                                            وقال الزهري في الشهادة على المرأة من وراء الستر: إن عرفتها، فاشهد، وإلا فلا، وجوزوا شهادة المختبئ.

                                                                            قال عمرو بن حريث : كذلك يفعل بالكاذب الفاجر.

                                                                            قال الحسن : يقول: لم يشهدوني على شيء، ولكني سمعت كذا وكذا.

                                                                            ومن أقام حجة على غائب بحق بين يدي القاضي، فسمعها، وحكم به، وكتب إلى قاضي بلد الخصم، وأشهد على حكمه، فأجازه بعض أهل العلم، وهو قول مالك ، والشافعي . [ ص: 134 ] .

                                                                            وجوز بعضهم سماع الشهادة على الغائب، ولم يجوزها الحكم ، بل يكتب إلى قاضي بلد الخصم ليحكم على وجه الخصم، وهو قول أصحاب الرأي، وجوزوا إذا كان له اتصال بالحاضر، وقال بعضهم: كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود، وقال إبراهيم : كتاب القاضي إلى القاضي جائز إذا عرف الكتاب والخاتم، وكان الشعبي يجيز الكتاب المختوم بما فيه من القاضي، ويروى عن ابن عمر نحوه.

                                                                            وكان إياس بن معاوية ، والحسن ، وثمامة بن عبد الله بن أنس ، وبلال بن أبي بردة ، وعبد الله بن بريدة الأسلمي ، وعباد بن منصور يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود، فإن قال الذي جيء عليه بالكتاب: إنه زور، قيل له: اذهب فالتمس المخرج من ذلك.

                                                                            وأول من سأل على كتاب القاضي البينة: ابن أبي ليلى ، وسوار بن عبد الله . [ ص: 135 ] .

                                                                            والعدد في الشهادة شرط حتى لا يثبت الحكم بقول شاهد واحد، وكذلك المزكي يشترط أن يكون اثنين، وكذلك المقوم.

                                                                            وأجاز بعضهم تزكية الواحد، قال أبو جميلة: وجدت منبوذا فاتهمني عمر ، فقال: عريفي: إنه رجل صالح ، قال: كذاك؟! اذهب وعلينا نفقته. [ ص: 136 ] .

                                                                            فأما القائف، فواحد كالقاضي، وإذا لم يعرف القاضي لسان الخصم، فهل يكتفي بمترجم واحد؟ اختلف أهل العلم فيه، فذهب بعضهم إلى أنه لا بد من مترجمين كالشاهد والمزكي، وهو قول الشافعي ، وذهب قوم إلى أنه يكتفي بمترجم واحد، " أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت ليتعلم كتاب اليهود، فيكتب إليهم، ويقرأ له كتبهم " . [ ص: 137 ] .

                                                                            وقال عمر ، وعنده عثمان ، وعلي ، وعبد الرحمن : ماذا تقول هذه؟ قال عبد الرحمن بن حاطب : فقلت: نخبرك بصاحبها الذي صنع بها، وقال أبو جمرة : كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس.

                                                                            واختلف قول الشافعي في الخارص والقاسم : هل يشترط أن يكون اثنين؟ واختلف أصحابه في المسمع إذا كان القاضي أصم.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية