الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2537 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، نا أبو العباس الأصم .

                                                                            ح، وأنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا مسلم ، عن عبيد الله بن عمر ، عن أيوب بن موسى ، عن ابن شهاب ، وعن مكحول ، وعطاء ، قالوا: " أدركنا الناس على أن دية المسلم الحر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل، فقوم عمر بن الخطاب تلك الدية على أهل القرى ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم.

                                                                            ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمس مائة دينار، أو ستة آلاف درهم، فإذا كان الذي أصابها من الأعراب، فديتها خمسون من الإبل لا يكلف الأعرابي الذهب ولا الورق
                                                                            " .

                                                                            قال الإمام: اختلف أهل العلم في الدية، وفي قدر الواجب فيها [ ص: 190 ] من الدراهم والدنانير، فذهب بعضهم إلى أن الأصل فيها الإبل، فإذا أعوزت تجب قيمتها ما بلغت، وهو قول الشافعي في الجديد، يدل عليه ما روي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم " يقيم الإبل على أهل القرى أربع مائة دينار، أو عدلها من الورق، ويقسمها على أثمان الإبل، فإذا غلت، رفع في قيمتها، وإذا هانت نقص، وبلغت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين أربع مائة دينار إلى ثمان مائة درهم وعدلها من الورق ثمانية آلاف درهم " .

                                                                            وتأول الشافعي حديث عمر على أن قيمة الإبل كانت قد بلغت في زمانه اثني عشر ألف درهم وألف دينار، يدل عليه ما روي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، قال " كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان مائة دينار، وثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ على النصف من دية المسلمين " ، قال: " فكان كذلك حتى استخلف عمر ، فقام خطيبا، فقال: إن الإبل قد غلت، قال: ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة " .

                                                                            وقال: " وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية" . [ ص: 191 ] .

                                                                            وذهب الشافعي في القديم إلى التقدير بالذي قدره عمر رضي الله عنه عند إعواز الإبل، فأوجب ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم.

                                                                            وقد روي عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رجلا من بني عدي قتل " فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا " .

                                                                            وذهب قوم إلى أن الواجب في الدية مائة من الإبل، أو ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، يروى ذلك عن الحسن البصري ، وعروة بن الزبير ، وبه قال مالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وذهب قوم إلى أنها مائة [ ص: 192 ] من الإبل، أو ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، وهو قول سفيان الثوري ، وابن شبرمة ، وأبي حنيفة ، وقال أبو يوسف ، ومحمد : على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل الذهب والورق ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، وعلى أهل البقر مائتا بقرة، وعلى أهل الشاء ألفا شاة، وعلى أهل الحلل مائة حلة، وكذلك قال أحمد ، وإسحاق في البقر، والغنم، ولم يوجب الآخرون البقر، والغنم والحلل في الدية.

                                                                            ودية المرأة على النصف من دية الرجل، وكذلك في دية الأعضاء، ودية الخطإ تغلظ في ثلاث مواضع عند الشافعي : إذا قتل في البلد الحرام، أو في الشهر الحرام، أو قتل ذا رحم محرم، فيجب فيه ما يجب في قتل شبه العمد.

                                                                            وكذلك في بدل الطرف، وإذا أوجب البدل المقدر من الدراهم، أو الدنانير زاد عليه الثلث، وهو قول عمر ، وعثمان ، وابن عباس .

                                                                            روي أن عثمان قضى في امرأة، وطئت بمكة بدية وثلث، وذهب قوم إلى أنها لا تغلظ، وهو قول أصحاب الرأي.

                                                                            وروي عن سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، أنهما سئلا: أتغلظ الدية في الشهر الحرام؟ فقالا: لا، ولكن تزاد للحرمة.

                                                                            فقيل لسعيد : " هل تزاد في الجراح كما تزاد في النفس؟ قال: نعم.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية