الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2581 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي ، أنا عبد الله بن الحسن الشرقي ، نا محمد بن يحيى ، نا عبد الرحمن بن مهدي ، نا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة هو ابن الماجشون ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن زيد بن خالد الجهني ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " يأمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة، وتغريب عام " .

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه محمد ، عن مالك بن إسماعيل ، عن عبد العزيز .

                                                                            وروى نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم " ضرب، وغرب، وأن أبا بكر ضرب، وغرب، وأن عمر ضرب، وغرب " ، وهو قول علي ، [ ص: 279 ] وأبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهم، وإليه ذهب سفيان الثوري ، ومالك ، وعبد الله بن المبارك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجلد، ولا يغرب، ولا يصح هذا القول عن أحد من السلف.

                                                                            قوله عليه السلام: "لأقضين بينكما بكتاب الله" اختلفوا في تأويله، قيل: المراد من الكتاب: الفرض، يقول: لأقضين بينكما بما فرضه الله وأوجبه، إذ ليس في كتاب الله ذكر الرجم منصوصا كذكر الجلد، والقطع في السرقة، وقد جاء الكتاب بمعنى الفرض، قال الله سبحانه وتعالى: ( كتاب الله عليكم ) ، وقال جل ذكره: ( كتب عليكم القصاص ) ، وقال عز وجل: ( كتب عليكم الصيام ) ، وقال تبارك وتعالى: ( وكتبنا عليهم فيها ) ، أي: فرضنا وأوجبنا.

                                                                            وقيل: بكتاب الله، أي: بحكم الله، وقيل في قوله سبحانه وتعالى: ( أم عندهم الغيب فهم يكتبون ) ، أي: يحكمون.

                                                                            وقيل: ذكر الرجم وإن لم يكن منصوصا عليه صريحا، فإنه مذكور في الكتاب على سبيل الإجمال، وهو قوله سبحانه وتعالى، وتقدست أسماؤه: ( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ) .

                                                                            والأذى ينطلق على الرجم وغيره من العقوبات، أو ضمن الكتاب بأن يجعل الله لهن سبيلا، ثم بينه على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقوله عليه السلام: " البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام" بيان حكم الكتاب، وقد قيل: كان حكم الرجم منزلا متلوا فيما أنزل الله سبحانه وتعالى، فرفعت تلاوته، وبقي حكمه، والدليل عليه ما [ ص: 280 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية