الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2589 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا شريك ، عن عبد الأعلى ، وعبد الله بن أبي جميلة ، عن أبي جميلة ، عن علي ، قال: ولدت أمة لبعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أقم عليها الحد " .

                                                                            قال: فوجدتها لم تجف من دمها، فذكرت ذلك له، فقال: "إذا جفت من دمها، فأقم عليها الحد".

                                                                            ثم قال: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم "
                                                                            . [ ص: 301 ] .

                                                                            أخرج مسلم هذا من طريق آخر عن أبي عبد الرحمن ، عن علي .

                                                                            قال الإمام: ولا فرق في حد المملوك بين من تزوج، أو لم يتزوج عند أكثر أهل العلم، وذهب بعضهم إلى أنه لا حد على من لم يتزوج من المماليك إذا زنى، لقول الله سبحانه وتعالى: ( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) ، أي: زوجن، روي ذلك عن ابن عباس ، وبه قال طاوس .

                                                                            ومعنى الإحصان عند الآخرين: الإسلام.

                                                                            وقرأ عاصم برواية أبي بكر ، وحمزة ، والكسائي : ( أحصن ) بفتح الألف، يعني: أسلمن.

                                                                            قال الإمام: حد المملوك لا يختلف بالإسلام والكفر، كما لا يختلف بالتزوج وعدم التزوج، وقراءة أكثر القراء: أحصن بضم الألف، بمعنى: زوجن، وفائدة التقييد بالتزويج: بيان أن المملوك لا يرجم إذا زنى بعد النكاح بخلاف الحر، بل حده بعد النكاح جلد كما قبله.

                                                                            والإحصان في كلام العرب: المنع، ويقع ذلك على الإسلام، والحرية، والعفاف، والتزويج؛ لأن الإسلام يمنعه عما لا يباح له وكذلك الحرية، والعفاف، والتزويج، وقوله سبحانه وتعالى: ( والمحصنات من النساء ) ، أراد: المزوجات، وقوله عز وجل: ( أن ينكح المحصنات المؤمنات ) ، أي: الحرائر، وقوله تبارك وتعالى: ( والذين يرمون المحصنات ) ، أي: العفائف، وقوله سبحانه وتعالى: ( محصنين غير مسافحين ) ، أي: متزوجين، ويجوز بكسر الصاد وفتحها، يقال: امرأة حصان: بينة الحصن، وفرس حصان: بين التحصن إذا كان منجبا، وبناء حصين : بين الحصانة. [ ص: 302 ] .

                                                                            قال الإمام: أما قطع السرقة، فيستوي فيه الحر والمملوك، وروي عن ابن عباس ، أنه قال: " لا قطع على المملوك إذا سرق " .

                                                                            ويحكى ذلك عن شريح ، وعامة أهل العلم على خلافه، وقالوا: يجب عليه القطع إذا سرق من غير سيده، كما يجب عليه حد الزنا، والقصاص.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية