الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2436 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا قتيبة بن سعيد ، نا حماد ، عن غيلان بن جرير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي موسى الأشعري ، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين أستحمله، فقال: " والله لا أحملكم، ما عندي ما أحملكم " .

                                                                            ثم لبثنا ما شاء الله، فأتي بشائل [ ص: 15 ] فأمر لنا بثلاث ذود، فلما انطلقنا، قال بعضنا لبعض: لا يبارك الله لنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله، فحلف لا يحملنا، فحملنا.

                                                                            فقال أبو موسى : فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرنا ذلك له، فقال: "ما أنا حملتكم، بل الله حملكم، إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير "
                                                                            .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم ، عن قتيبة ، وخلف بن هشام ، ويحيى بن حبيب ، عن حماد بن زيد .

                                                                            والشائل: واحد الشول، وهي الإبل، وقيل: الشائل من النوق التي قل لبنها.

                                                                            وفي قوله: "ما أنا حملتكم، بل الله حملكم"، أضاف النعمة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن كان له فيها صنع، ولو لم يكن له فيها صنع، لم يكن لقوله: " لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير" وجه، ويحتمل أنه كان نسي يمينه، والناسي [ ص: 16 ] كالمضطر، فأضاف الفعل فيه إلى الله سبحانه وتعالى، كما قال عليه السلام في الصائم: " من نسي فأكل، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله " .

                                                                            ويحتمل أن يكون معناه: أن الله لما رزق وأغنم هذه الإبل، لم يسعني أن أمنعكموها، فكأنه حملكم، إذ ليس لي مال أحمل عليه أبناء السبيل.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية