الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2596 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قطع سارقا في مجن ثمنه ثلاثة دراهم " .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد ، عن إسماعيل بن عبد الله ، وأخرجه مسلم ، عن يحيى بن يحيى ، كلاهما، عن مالك .

                                                                            قال الإمام: اختلف أهل العلم فيما تقطع فيه يد السارق، فذهب أكثرهم إلى حديث عائشة " أن نصاب السرقة ربع دينار، وإذا سرق دراهم، أو متاعا يقوم بالدنانير، فإن بلغت قيمتها ربع دينار، قطعت يده، وإن لم تبلغ فلا قطع عليه " ، روي ذلك عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعائشة ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وإليه ذهب الأوزاعي ، والشافعي .

                                                                            وقال مالك : نصاب السرقة ثلاثة دراهم، فإن سرق ذهبا أو متاعا، يقوم بالدراهم، فإن بلغت قيمته ثلاثة دراهم، قطعت يده، وإن لم تبلغ فلا قطع عليه.

                                                                            وقال أحمد بن حنبل : إن سرق ذهبا، فبلغ ربع دينار، قطع، وإن سرق فضة، وكان مبلغها ثلاثة دراهم، قطع، وإن سرق متاعا بلغت قيمته ثلاثة دراهم، أو دينارا، قطع قولا بالخبرين معا. [ ص: 314 ] .

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي : المذهب الأول في رد القيمة إلى ربع دينار أصح، وذلك أن أصل النقد في ذلك الزمان الدنانير، فجاز أن يقوم بها الدراهم، ولهذا كتبت في الصكوك قديما عشرة دراهم وزن سبعة، فعرفت الدراهم بالدنانير، وحصرت بها.

                                                                            وأما تقويم المجن بالدراهم، فقد يحتمل أن يكون ذلك من أجل أن الشيء التافه قد جرت العادة بتقويمه بالدراهم، وإنما تقوم الأشياء النفيسة بالدنانير، لأنها أنفس النقود، فتكون هذه الدراهم الثلاثة التي هي ثمن المجن يبلغ قيمتها ربع دينار، وقد روي عن عثمان أنه قطع سارقا في أترجة قومت ثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار، فدل على أن العبرة بالذهب، ومن أجل ذلك ردت قيمة الدراهم إليه بعد ما قومت الأترجة بالدراهم.

                                                                            وذهب قوم إلى أنه لا يقطع في أقل من دينار، أو عشرة دراهم، يروى ذلك عن ابن مسعود ، وإليه ذهب سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي .

                                                                            وقال قوم: لا يقطع إلا في خمسة دراهم، يروى ذلك عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية