4219 - أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري ، أنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن قتادة ، عن نصر بن عصام الليثي ، [ ص: 9 ] عن خالد بن خالد اليشكري ، قال: خرجت زمن فتحت تستر حتى قدمت الكوفة ، فدخلت المسجد، فإذا أنا بحلقة فيها رجل صدع من الرجال، حسن الثغر، يعرف فيه أنه رجل من أهل الحجاز ، فقال: فقلت: من الرجل؟ فقال القوم: أو ما تعرفه؟ قلت: لا.
قالوا: هذا حذيفة بن اليمان ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال: فقعدت، وحدث القوم، فقال: إن الناس كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر.
فأنكر ذلك القوم عليه، فقال لهم: " إني سأخبركم بما أنكرتم من ذلك: جاء الإسلام حين جاء، فجاء أمر ليس كأمر الجاهلية، فكنت قد أعطيت في القرآن فهما، فكان رجال يجيئون، فيسألون عن الخير، فكنت أسأله عن الشر، قلت: يا رسول الله، أيكون بعد هذا الخير شر، كما كان قبله شر؟ قال: " نعم" .
قلت: فما العصمة يا رسول الله؟ قال: "السيف" .
قلت: وهل بعد السيف بقية ؟ قال: "نعم، تكون إمارة على أقذاء، وهدنة على دخن" .
قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم ينشأ دعاة الضلالة، فإن كان لله في [ ص: 10 ] الأرض خليفة جلد ظهرك، وأخذ مالك ، فالزمه، وإلا قمت وأنت عاض على جذل شجرة " .
قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم يخرج الدجال بعد ذلك معه نهر ونار، فمن وقع في ناره، وجب أجره، وحط وزره، ومن وقع في نهره، وجب وزره، وحط أجره".
قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم تنتج المهر، فلا يركب حتى تقوم الساعة " .
روى أبو داود هذا الحديث، عن مسدد ، وقتيبة ، عن أبي عوانة ، عن قتادة ، عن نصر بن عاصم ، وقال: عن سبيع بن خالد ، قال: أتيت الكوفة .
والصدع، مفتوحة الدال، من الرجال: الشاب المعتدل، ويقال: الصدع: الربعة في خلقه، رجل بين الرجلين، وكذلك الصدع من الوعول وعل بين الوعلين.
وقوله: " فما العصمة؟ قال: السيف "، كان قتادة يضعه على أهل الردة، كانت في زمن الصديق رضي الله عنه.
وقوله: "هدنة على دخن" ، معناه: صلح على بقايا من الضغن، وذلك أن الدخان أثر من النار يدل على بقية منها، والدليل عليه قوله: "إمارة على أقذاء " ، [ ص: 11 ] وقال أبو عبيد : أصل الدخن أن يكون في لون الدابة، أو الثوب، أو غير ذلك كدورة إلى سواد.
وفي بعض الروايات: قلت: يا رسول الله، الهدنة على الدخن ما هي؟ قال: " لا يرجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " .
ويروى: "جماعة على أقذاء" ، يقول: يكون اجتماعهم على فساد من القلوب، شبهه بأقذاء العين، يقال: قذاة وجمعها قذى، ثم أقذاء جمع الجمع.


