الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4334 - أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الحميدي ، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه ، [ ص: 161 ] نا عثمان بن سعيد الدارمي ، نا مسلم بن إبراهيم ، نا هشام الدستوائي ، نا قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: " يجمع المؤمنون يومئذ، فيهتمون لذلك اليوم، ويقولون: لو استشفعنا إلى ربنا عز وجل حتى يخرجنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم ، فيقولون: يا آدم ، أنت أبو الناس خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول لهم: لست هناكم، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب، ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله إلى الأرض.

                                                                            فيأتون نوحا ، فيقول لهم: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن.

                                                                            فيأتون إبراهيم ، فيقول لهم: لست هناكم، ويذكر خطاياه التي أصاب، ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة، وكلمه تكليما.

                                                                            فيأتون موسى ، فيقول: لست هناكم، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله، وكلمة الله وروحه.

                                                                            فيأتون عيسى ، فيقول لهم: لست هناكم، [ ص: 162 ] ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

                                                                            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيأتوني، فأنطلق معهم فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيت ربي، وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: يا محمد ، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع.

                                                                            فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أحد لهم حدا، فأدخلهم الجنة، ثم أرجع الثانية، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيت ربي، وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: يا محمد ، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع.

                                                                            فأحمد ربي بمحامد، ثم أحد لهم حدا ثانيا، فأدخلهم الجنة، ثم أرجع الثالثة، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيت ربي، وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول لي: يا محمد ، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع.

                                                                            فأحمد ربي بمحامد، علمنيها ربي، ثم أحد لهم حدا ثالثا، فأدخلهم الجنة حتى أرجع، فأقول: يا رب، ما بقي في النار إلا من وجب عليه الخلود، أو حبسه القرآن، وهو المقام المحمود الذي وعده الله عز وجل: [ ص: 163 ] ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )
                                                                            .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد ، عن مسلم بن إبراهيم ، وقال في آدم : لست هناك ويذكر ذنبه، فيستحيي، وفي نوح : فيستحيي، وفي موسى : يذكر قتل النفس بغير حق، فيستحيي.

                                                                            ورواه مسلم ، عن محمد بن مثنى ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية