الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4233 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا أبو اليمان ، أنا شعيب ، نا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: " لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان عظيمتان، يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه، فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به، وحتى [ ص: 27 ] يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه، ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته، فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " .

                                                                            هذا كله متفق على صحتها.

                                                                            قوله: "دجالون كذابون" ، وكل كذاب دجال، يقال: دجل فلان الحق بباطله، أي: غطاه، وبعير مدجل: إذا كان مطليا بالقطران، ومنه أخذ الدجال، ودجله سحره وكذبه، وقيل: سمي الدجال دجالا لتمويهه على الناس وتلبيسه، يقال: دجل: إذا موه ولبس، وقيل: سمي به لضربه في الأرض وقطعه أكثر نواحيها، يقال: دجل الرجل: إذا فعل ذلك.

                                                                            قوله: "يتقارب الزمان" ، قيل: هو دنو زمان الساعة، وقيل: معناه قصر الأعمار، وقلة البركة فيها، وقيل: قصر مدة الأيام والليالي، كما يروى: " الزمان يتقارب حتى يكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السعفة " . [ ص: 28 ] .

                                                                            قال حماد بن سلمة : سألت أبا سنان عن قوله: "يتقارب الزمان حتى يكون السنة كالشهر" ، فقال: ذلك من استلذاذ العيش.

                                                                            قال الخطابي : والله أعلم، زمان خروج المهدي، ووقوع الأمنة في الأرض بما يبسطه من العدل فيها، فيستلذ العيش عند ذلك، وتستقصر مدته، ولا يزال الناس يستقصرون مدة أيام الرخاء وإن طالت وامتدت، ويستطيلون أيام المكروه وإن قصرت وقلت، والعرب تقول في مثل هذا: مر بنا يوم كعرقوب القطاة قصرا.

                                                                            وقوله: "يليط حوضه ويلوط" ، أي: يمدره، ويطينه، ويصلحه لئلا يتشرب الماء، وأصل اللوط: اللصوق، يقال: لاط به يلوط لوطا، ويليط ليطا.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية