الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4218 - أخبرنا ابن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، نا مسلم بن [ ص: 7 ] الحجاج ، نا محمد بن عبد الله بن نمير ، نا أبو خالد - يعني - سليمان بن حيان ، عن سعد بن طارق ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة ، قال: كنا عند عمر ، فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه.

                                                                            فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وماله، وجاره؟ قالوا: أجل.

                                                                            قال: تلك يكفرها الصلاة، والصيام، والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة : فأسكت القوم.

                                                                            فقلت: أنا. فقال: أنت، لله أبوك.

                                                                            قال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها، نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها، نكتت فيه نكته بيضاء، حتى يصير على قلبين: أبيض مثل الصفا ، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه " .

                                                                            قال حذيفة : وحدثته أن بينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر.

                                                                            قال عمر : أكسرا لا أبا لك، فلو أنه فتح لعله كان يعاد.

                                                                            قال: لا، بل يكسر.

                                                                            وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل، [ ص: 8 ] أو يموت حديثا ليس بالأغاليط.

                                                                            قال أبو خالد : فقلت لسعد : يا أبا مالك ، ما أسود مربادا؟ قال: شدة البياض في سواد.

                                                                            قال: قلت: فما الكوز مجخيا؟ قال: منكوسا.

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            وروى بعضهم مربدا، قال أبو عبيد : الربدة: لون بين السواد والغبرة.

                                                                            وروى شقيق ، عن حذيفة بعض هذا الحديث، وقال: إن بينك وبينها بابا مغلقا.

                                                                            قال، يعني عمر : أيكسر أم يفتح؟ قال: يكسر.

                                                                            قال: إذا لا يغلق أبدا.

                                                                            قلنا: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم.

                                                                            كما أن دون الغد الليلة، إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأل حذيفة ، فأمرنا مسروقا فسأله، فقال: الباب عمر .

                                                                            قوله: "تعرض الفتن على القلوب كالحصير" ، قال بعضهم: أي: تحيط بالقلوب، يقال: حصر به القوم، أي: أطافوا به.

                                                                            وقال الليث : حصير الجنب: عرق يمتد معترضا على جنب الدابة إلى ناحية بطنها، شبهها بذلك.

                                                                            ويقال الحصير: السجن.

                                                                            والمجخي: المائل.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية