الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4219 - أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري ، أنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن قتادة ، عن نصر بن عصام الليثي ، [ ص: 9 ] عن خالد بن خالد اليشكري ، قال: خرجت زمن فتحت تستر حتى قدمت الكوفة ، فدخلت المسجد، فإذا أنا بحلقة فيها رجل صدع من الرجال، حسن الثغر، يعرف فيه أنه رجل من أهل الحجاز ، فقال: فقلت: من الرجل؟ فقال القوم: أو ما تعرفه؟ قلت: لا.

                                                                            قالوا: هذا حذيفة بن اليمان ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                            قال: فقعدت، وحدث القوم، فقال: إن الناس كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر.

                                                                            فأنكر ذلك القوم عليه، فقال لهم: " إني سأخبركم بما أنكرتم من ذلك: جاء الإسلام حين جاء، فجاء أمر ليس كأمر الجاهلية، فكنت قد أعطيت في القرآن فهما، فكان رجال يجيئون، فيسألون عن الخير، فكنت أسأله عن الشر، قلت: يا رسول الله، أيكون بعد هذا الخير شر، كما كان قبله شر؟ قال: " نعم" .

                                                                            قلت: فما العصمة يا رسول الله؟ قال: "السيف" .

                                                                            قلت: وهل بعد السيف بقية ؟ قال: "نعم، تكون إمارة على أقذاء، وهدنة على دخن" .

                                                                            قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم ينشأ دعاة الضلالة، فإن كان لله في [ ص: 10 ] الأرض خليفة جلد ظهرك، وأخذ مالك ، فالزمه، وإلا قمت وأنت عاض على جذل شجرة " .

                                                                            قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم يخرج الدجال بعد ذلك معه نهر ونار، فمن وقع في ناره، وجب أجره، وحط وزره، ومن وقع في نهره، وجب وزره، وحط أجره".

                                                                            قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم تنتج المهر، فلا يركب حتى تقوم الساعة "
                                                                            .

                                                                            روى أبو داود هذا الحديث، عن مسدد ، وقتيبة ، عن أبي عوانة ، عن قتادة ، عن نصر بن عاصم ، وقال: عن سبيع بن خالد ، قال: أتيت الكوفة .

                                                                            والصدع، مفتوحة الدال، من الرجال: الشاب المعتدل، ويقال: الصدع: الربعة في خلقه، رجل بين الرجلين، وكذلك الصدع من الوعول وعل بين الوعلين.

                                                                            وقوله: " فما العصمة؟ قال: السيف "، كان قتادة يضعه على أهل الردة، كانت في زمن الصديق رضي الله عنه.

                                                                            وقوله: "هدنة على دخن" ، معناه: صلح على بقايا من الضغن، وذلك أن الدخان أثر من النار يدل على بقية منها، والدليل عليه قوله: "إمارة على أقذاء " ، [ ص: 11 ] وقال أبو عبيد : أصل الدخن أن يكون في لون الدابة، أو الثوب، أو غير ذلك كدورة إلى سواد.

                                                                            وفي بعض الروايات: قلت: يا رسول الله، الهدنة على الدخن ما هي؟ قال: " لا يرجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " .

                                                                            ويروى: "جماعة على أقذاء" ، يقول: يكون اجتماعهم على فساد من القلوب، شبهه بأقذاء العين، يقال: قذاة وجمعها قذى، ثم أقذاء جمع الجمع.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية