الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب قول الله عز وجل: ( إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت ) .

                                                                            المرضعة: التي ترضع ولدها، إذا أردت الفعل، ألحقت بها هاء التأنيث، وإذا أردت أنها ذات رضيع، أسقطت الهاء، فقلت: امرأة مرضع.

                                                                            وقوله سبحانه وتعالى: ( يوم يكشف عن ساق ) ، قال ابن عباس : يوم كرب وشدة، وقال: [ ص: 139 ] وهي أشد ساعة في القيامة، وقال مجاهد : يكشف عن الأمر الشديد، والعرب تذكر الساق إذا أخبرت عن شدة الأمر وهوله، وقوله سبحانه وتعالى: ( والتفت الساق بالساق ) ، قيل: آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة.

                                                                            وقال جل ذكره: ( ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) ، أي: ممتد البلاء: ( يوما عبوسا قمطريرا ) ، القمطرير: أشد ما يكون من الأيام في البلاء.

                                                                            4325 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر ، نا إبراهيم بن عبد الله بن عمر بن بكير بن الحارث الكوفي العبسي ، أنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله سبحانه وتعالى يوم القيامة: يا آدم ، قم فابعث بعث النار، قال: فيقول لبيك وسعديك، والخير في يديك، يا رب، وما بعث النار؟ قال: فيقول: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، فحينئذ يشيب المولود، وتضع كل ذات [ ص: 140 ] حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد "، قال: فيقولون: وأينا ذلك الواحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تسع مائة وتسعة وتسعون من يأجوج ومأجوج، ومنكم واحد" ، قال: فقال الناس: الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والله إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، والله إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة" ، قال: فكبر الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ، والشعرة السوداء في الثور الأبيض " .

                                                                            وبهذا الإسناد، عن أبي سعيد ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يدعى نوح يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، قال: فيقال لنوح : [ ص: 141 ] من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، قال: فذلك قوله سبحانه وتعالى: ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) "، الوسط: العدل.

                                                                            الحديثان صحيحان، أخرج محمد الحديثين، عن إسحاق بن منصور ، عن أبي أسامة ، عن الأعمش ، وأخرج مسلم الحديث الأول، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، وعن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، كلاهما عن الأعمش ، وأخرجه محمد ، عن عمر بن حفص ، عن أبيه، عن الأعمش ، بهذا الإسناد، وقال: " يقول الله يوم القيامة: يا آدم ، يقول: لبيك ربنا وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار " .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية