الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            4333 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل البخاري ، نا سليمان بن حرب ، نا حماد بن زيد ، نا معبد بن هلال العنزي ، قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة ، فذهبنا إلى أنس بن مالك ، وذهبنا معنا بثابت إليه، يسأله لنا عن حديث الشفاعة، فإذا هو في قصره، فوافقنا يصلي الضحى، فاستأذنا، فأذن لنا وهو قاعد على فراشه، فقلنا لثابت : [ ص: 158 ] لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة، فقال: يا أبا حمزة ، هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاؤوا يسألونك عن حديث الشفاعة، فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم ، قال: " إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم ، فيقولون: اشفع إلى ربك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم ، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى ، فإنه كليم الله، فيأتون موسى ، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى ، فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى ، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد ، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، ويلهمني محامد أحمده بها، لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، فأخر له ساجدا، فقال: يا محمد ، ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال: انطلق، فأخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ، ارفع رأسك، وقل [ ص: 159 ] يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال: انطلق، فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، فأنطلق فأفعل، ثم أعود بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ، ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقول: انطلق، فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة خردلة من إيمان، فأخرجه من النار، من النار، من النار، فأنطلق فأفعل "، فلما خرجنا من عند أنس ، قلت لبعض أصحابنا: لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة ، فحدثناه بما حدثنا أنس بن مالك ، فأتيناه فسلمنا عليه، فأذن لنا، فقلنا له: يا أبا سعيد ، جئناك من عند أخيك أنس ، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة، قال: هيه، فحدثناه بالحديث، فانتهى إلى هذا الموضع، فقال: هيه، فقلنا: لم يزد لنا على هذا، فقال: حدثني وهو جميع منذ [ ص: 160 ] عشرين سنة، فلا ندري أنسي، أو كره أن تتكلوا، قلنا: يا أبا سعيد ، فحدثنا، فضحك، وقال: خلق الإنسان عجولا، ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم، حدثني كما حدثكم، ثم قال: " ثم أعود الرابعة، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ، ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي، وجلالي، وكبريائي، وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله " .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم ، عن سعيد بن منصور ، عن حماد بن زيد .

                                                                            قوله: " ماج الناس " ، أي: اختلط بعضهم ببعض، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ) ، أي: يختلط بعضهم ببعض مقبلين، ومدبرين حيارى.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية