الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب كيف الحشر

                                                                            قال سبحانه وتعالى: ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) ، قال الربيع بن خثيم ، والحسن : إن كل ذلك هين عليه، يعني: البدأة والإعادة.

                                                                            وحكي عن الشافعي ، أنه قال: معناه: هو أهون عليه في العبرة عندكم، ليس أن شيئا يعظم على الله عز وجل.

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) ، وقال الله سبحانه وتعالى: [ ص: 120 ] ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) ، أراد القبر، وكل حاجز بين شيئين برزخ، وقال قتادة : البرزخ بقية الدنيا.

                                                                            وقال الله سبحانه وتعالى: ( وإذا القبور بعثرت ) ، أي: قلبت، فأخرج ما فيها.

                                                                            وقال سبحانه وتعالى: ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) .

                                                                            قال عمر : ( وإذا النفوس زوجت ) يزوج نظيره من أهل الجنة والنار، ثم قرأ: ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) ، وقال: ( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ) ، قيل: معناه يحبس أولهم على آخرهم، والوزع: الكف والمنع، وقال: ( يقولون أإنا لمردودون في الحافرة ) ، أي: إلى أول الأمر في الحياة، كانوا ينكرون البعث، يقال: عاد فلان إلى حافرته، أي: رجع إلى الحالة الأولى.

                                                                            وقوله: ( ونحشر المجرمين يومئذ زرقا ) ، قيل: عميا، وقيل: عطاشا، وقيل للعطاش: زرق، لأن أعينهم تزرق من شدة العطش، ويقال للمياه الصافية: زرق. [ ص: 121 ] .

                                                                            وقال الله سبحانه وتعالى: ( فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ) ، أي: من القبور، والجدث والجدف: القبر.

                                                                            وقوله عز وجل: ( وهم من كل حدب ينسلون ) ، أي: أكمة، والحدب: ما ارتفع من الأرض، ( ينسلون ) ، أي: يسرعون، كما قال جل ذكره: ( كأنهم إلى نصب يوفضون ) ، أي: كأنهم نصب لهم شيء، فهم يسرعون إليه، وقال سبحانه وتعالى: ( يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين ) ، أي: مسرعين، ويقال المهطع: الذي ينظر في ذل وخشوع، لا يقلع بصره، وقال سبحانه وتعالى: ( مهطعين مقنعي رؤوسهم ) ، أي: مسرعين رافعي رؤوسهم ينظرون في ذل، والإقناع: رفع الرأس من غير أن يلتفت يمينا، أو شمالا.

                                                                            وقوله سبحانه وتعالى: ( وأفئدتهم هواء ) ، أي: لا تعي شيئا، ولا تعقل من الخوف، والهواء: الذي لا يثبت فيه شيء، فهو خال، وقيل: هذا مبين في قوله سبحانه وتعالى: ( إذ القلوب لدى الحناجر ) ، [ ص: 122 ] فأعلم أن القلوب قد فارقت الأفئدة، والأفئدة هواء لا شيء فيها.

                                                                            وقوله سبحانه وتعالى: ( ذلك يوم الخروج ) ، يعني: يوم الخروج من القبور.

                                                                            وقيل: هو من أسماء يوم القيامة.

                                                                            وقوله عز وجل: ( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ) ، أي: صوتا خفيا من وطء أقدامهم إلى المحشر.

                                                                            4311 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: " كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب، منه خلق، وفيه يركب " .

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم ، عن المغيرة الحزامي ، عن أبي الزناد .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية