الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب قول الله عز وجل: ( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) .

                                                                            وقال جل ذكره: ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) .

                                                                            وروى مسروق ، عن عائشة ، [ ص: 108 ] أنها تلت هذه الآية، وقالت: يا رسول الله، فأين يكون الناس؟ قال: " على الصراط " .

                                                                            يقال: التبديل: تغيير الشيء عن حاله، والإبدال: جعل شيء مكان آخر، قال الأزهري : تبديل الأرض: تسيير جبالها، وتفجير أنهارها، وكونها مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وتبديل السماوات: انتثار كواكبها وانفطارها، وتكوير شمسها وخسوف قمرها.

                                                                            وقال الله سبحانه وتعالى: ( يتبعون الداعي لا عوج له ) ، أي: لا يقدرون أن يعوجوا عن دعائه.

                                                                            وقال جل ذكره: ( وترى الأرض بارزة ) ، أي: ظاهرة، وليس فيها مستظل، ولا متفيأ.

                                                                            وقال الله سبحانه وتعالى: ( رجت الأرض رجا ) ، أي: حركت حركة شديدة وزلزلت، وقال سبحانه وتعالى: ( وبست الجبال بسا ) أي: فتتت، فصارت أرضا، وقيل: نسفت، كما قال: ( فقل ينسفها ربي نسفا ) ، وقيل: سيقت، كما قال: ( وسيرت الجبال ) [ ص: 109 ] ، وقال سبحانه وتعالى: ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) ، أي: دقتا دقا فصارتا هباء منبثا، والمنبث: المتفرق، والهباء المنبث: ما تثير الخيل بسنابكها من الغبار، والهباء المنثور: ما يخرج من الكوة مع ضوء الشمس.

                                                                            وقال الله سبحانه وتعالى: ( إذا دكت الأرض دكا دكا ) ، أي: جعلت مستوية لا أكمة فيها، ومنه قوله عز وجل ( جعله دكا ) ، أي: مستويا، يقال: ناقة دكاء: إذا ذهب سنامها، وقال القتيبي : أي: جعله مدكوكا ملصقا بالأرض، ومن قرأ: دكاء، أي: جعل الجبل أرضا دكاء، وهي الرابية التي لا تبلغ أن تكون جبلا، وجمعها دكاوات، وأصل الدك: الكسر.

                                                                            وقوله سبحانه وتعالى: ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ) ، أي: يقلعها من أصلها، وقيل: نسف الجبال: دكها وتذريتها.

                                                                            وقوله سبحانه [ ص: 110 ] وتعالى: ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) ، أي: صارت كلون الورد، تتلون ألوانا يوم الفزع الأكبر، فالدهان: جمع دهن، أي: كما تتلون الدهان المختلفة، كما قال سبحانه وتعالى: ( يوم تكون السماء كالمهل ) ، أي: كالزيت المغلي، وقيل: الدهان: الأديم الأحمر.

                                                                            وقوله جل ذكره: ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) ، أي: ضعيفة جدا، يقال للسقاء إذا تفتق خرزه: لقد وهى يهي.

                                                                            وقوله سبحانه وتعالى: ( والملك على أرجائها ) ، أي: نواحيها، الواحد رجا مقصور، والملك بمعنى الملائكة ههنا.

                                                                            4303 - أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني ، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي الباباني ، أنا عبد الله بن محمود ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ، نا عبد الله بن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: " يقبض الله [ ص: 111 ] الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ " .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد ، عن أحمد بن صالح ، وأخرجه مسلم ، عن حرملة بن يحيى ، كلاهما عن ابن وهب ، عن يونس .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية