الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          3018 - (خ م د ت ص) : عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ، أبو عمر ، ويقال : أبو عمرو المدني .

                                                                          ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح ، أخت عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ، وكان اسمها عاصية ، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة .

                                                                          روى عن : أبيه عمر بن الخطاب ( خ م د ت س ) .

                                                                          روى عنه : ابناه : حفص بن عاصم بن عمر ( م د سي ) ، وعبيد الله بن عاصم بن عمر ، وعروة بن الزبير ( خ م د ت س ) .

                                                                          قال الزبير بن بكار في ذكر ولد عمر بن الخطاب : وعاصم بن [ ص: 521 ] عمر ، أمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح بن عصمة بن مالك بن أمة بن ضبيعة ، من بني عمرو بن عوف من الأنصار ، وأمها الشموس بنت أبي عامر ، الذي يقال له : الراهب ، وأخوه لأمه عبد الرحمن بن يزيد بن جارية ، من بني عمرو بن عوف .

                                                                          ثم قال : وأما عاصم بن عمر ، فكان من أحسن الناس خلقا ، قال عمي مصعب بن عبد الله : وكان يقول : لا يتركني أحد أدخل بيتي فأرد عليه سبابه إياي ، وكان عبد الله بن عمر يقول : أنا وأخي عاصم ، لا نساب الناس .

                                                                          وقال أيضا : حدثني عمي مصعب بن عبد الله ، قال : مات عاصم بن عمر ، وعبد الله بن عمر غائب ، فلما قدم لم يدخل منزله حتى أتى قبر عاصم ، فسلم عليه ، وكان عاصم من أعظم الناس ، وأطولهم ، وكان ذراعه ذراع الملك ، ذراعا وقبضة ، ولحقه يوما ابن الزبير ، فضربه ، وقال : لا يغرنك طولك وعظمك ، ادخل الزقاق حتى أصارعك ، فجعل عاصم يضحك مما يمازحه ابن الزبير .

                                                                          قال : وكان عمر طلق أم عاصم جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح ، فتزوجها يزيد بن جارية ، فولدت له عبد الرحمن بن يزيد بن جارية الأنصاري ، فركب عمر إلى قباء ، فوجد ابنه عاصما يلعب مع الصبيان ، فحمله بين يديه ، فأدركته جدته الشموس بنت أبي عامر ، فنازعته إياه ، حتى انتهى إلى أبي بكر ، فقال له أبو بكر : خل بينها وبينه ، فما راجعه ، وأسلمه إليها .

                                                                          روى ذلك غير واحد من علمائنا .

                                                                          [ ص: 522 ] وقال أيضا : حدثني عمي مصعب ، قال : حدثني أبي عبد الله بن مصعب ، والمنذر بن عبد الله الحزامي ، قالا : نزل عاصم بن عمر بن الخطاب خيمة بقديد بفناء بيت من بيوت قديد ، وهو يريد مكة معتمرا فحط رحلة ، وكان رجلا جسيما ، من أعظم الناس بدنا ، وأحسنهم وجها وخلقا ، وذكر باقي الحكاية .

                                                                          قال الزبير : وقد حفظ عاصم ، عن أبيه ، حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال : كان عاصم رجلا في زمان أبيه .

                                                                          قال : وروى هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عاصم ، قال : زوجني أبي ، فأنفق علي شهرا ، ثم أرسل إلي بعدما صلى الظهر ، فدخلت عليه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إني ما كنت أرى هذا المال يحل لي ، وهو أمانة عندي ، إلا بحقه ، وما كان قط أحرم علي منه حين وليته ، فعاد أمانتي ، وقد أنفقت عليك شهرا من مال الله ، ولست زائدك عليه ، وقد أعنتك بثمن مالي ، فبعه ثم قم في السوق إلى جنب رجل من قومك ، فإذا صفق بسلعة فاستشركه ، ثم بع وكل ، وأنفق على أهلك .

                                                                          أخبرنا بذلك : أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، قال : أخبرنا أبو جعفر ابن المسلمة ، قال : أخبرنا أبو طاهر المخلص ، قال : حدثنا أبو عبد الله الطوسي ، قال : حدثنا الزبير بن بكار ، فذكره .

                                                                          وقال عبد الله بن المبارك : أخبرنا أسامة بن زيد ، قال : أخبرني [ ص: 523 ] عبد الله بن سلمة ، وهو الهذلي ، قال : سمعت خالد بن أسلم ، مولى عمر ، قال : آذى رجل من قريش عبد الله بن عمر ، فأبى عبد الله أن يقول له شيئا ، فجئت فقلت : أبا عبد الرحمن ، بلغني أن فلانا آذاك ، فإما أن تنتصر أو أنتصر لك منه ، فقال عبد الله : إني وأخي عاصما لا نساب الناس .

                                                                          أخبرنا بذلك : أبو الحسن ابن البخاري بدمشق ، وشامية بنت الحسن ابن البكري بمصر ، قالا : أخبرنا أبو البركات ابن ملاعب ، قال : أخبرنا القاضي أبو الفضل الأرموي ، قال : أخبرنا أبو الحسين ابن النقور ، قال : أخبرنا أبو طاهر المخلص ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، فذكره .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، قال : قال أبو حازم : كان بين عاصم بن عمر وبين رجل من قريش درء في أرض ، فقال القرشي لعاصم : فإن كنت صادقا فادخلها ، فقال عاصم : أوقد بلغ بك الغضب كل هذا ؟ هي لك ، فقال القرشي : سبقتني . بل هي لك ، فتركاها ، لا يأخذها واحد منهما ، حتى هلكا ، ثم لم يعرض لها أولادهما .

                                                                          وقال إبراهيم بن حمزة الزبيري ، عن المغيرة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمر بن حفص العمري ، عن أبيه : خاصم الحسن ، أو الحسين عاصم بن عمر ، في أرض بخيبر ، فقال الحسين : هي الموعد ، فستعلم إن أتيتها ! فقال عاصم : لا حاجة لي في أرض تواعدني فيها ، قال : فتركاها جميعا ما دخلها واحد منهما ، حتى أخذها الناس ، ينتقصونها من كل جانب .

                                                                          [ ص: 524 ] وقال السري بن يحيى ، عن محمد بن سيرين : قال فلان - وسمى رجلا - ما رأيت رجلا من الناس إلا لابد أن يتكلم ببعض ما لا يريد غير عاصم بن عمر ، ولقد كان بينه وبين رجل ذات يوم شيء فقام وهو يقول :

                                                                          قضى ما قضى فيما مضى ثم لا يرى له صبوة فيما بقي آخر الدهر

                                                                          قال الواقدي : توفي سنة سبعين .

                                                                          وقال ابن حبان : مات بالربذة .

                                                                          روى له الجماعة سوى ابن ماجه .

                                                                          أخبرنا أبو الفرج بن قدامة ، وأبو الحسن ابن البخاري المقدسيان وأبو الغنائم بن علان ، وأحمد بن شيبان ، وزينب بنت مكي ، قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو علي ابن المذهب ، قال أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر ، عن أبيه ، قال : قال [ ص: 525 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أقبل - وقال مرة إذا جاء - الليل من ها هنا ، وذهب النهار من ها هنا ، فقد أفطر الصائم يعني المشرق والمغرب .

                                                                          رواه البخاري ، عن الحميدي ، عن سفيان ، ورواه مسلم ، عن يحيى بن يحيى ، عن أبي معاوية ، وعن أبي كريب ، عن أبي أسامة ، وعن محمد بن عبد الله بن نمير ، عن أبيه ، كلهم عن هشام بن عروة ، فوقع لنا عاليا .

                                                                          ورواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل ، فوافقناه فيه بعلو .

                                                                          وعن مسدد ، عن عبد الله بن داود ، عن هشام .

                                                                          ورواه الترمذي ، عن هارون بن إسحاق ، عن عبدة بن سليمان ، عن هشام ، وقال : حسن صحيح .

                                                                          ورواه النسائي ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن وكيع ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          وأخبرنا أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا مسعود بن أبي منصور الجمال ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم ، قال : [ ص: 526 ] حدثنا فاروق بن عبد الكبير ، قال : حدثنا عبد العزيز بن معاوية القرشي ، قال : حدثنا محمد بن جهضم .

                                                                          (ح ) : قال أبو نعيم : وحدثنا علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة .

                                                                          (ح ) : قال : وأخبرنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا الحسن بن علي المعمري .

                                                                          (ح ) : قال : وحدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو عروبة ، قالوا : حدثنا يحيى بن محمد بن السكن ، قال : حدثنا محمد بن جهضم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عمارة بن غزية ، عن خبيب بن عبد الرحمن بن أساف ، عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، عن أبيه ، عن جده عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قال المؤذن : الله أكبر ، الله أكبر ، فقال أحدكم : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، ثم قال : حي على الصلاة ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : حي على الفلاح ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : الله أكبر ، الله أكبر ، قال : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله ، قال : لا إله إلا الله ، يقينا من قلبه : دخل الجنة .

                                                                          لفظهم سواء ، ولفظ عبد العزيز قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا سمع المؤذن يقول : الله أكبر ، قال : الله أكبر ، كما يقول ، وإذا قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال كما يقول إلى آخره مثل ذلك ، وقال : من قال ذلك صادقا من قلبه دخل الجنة .

                                                                          [ ص: 527 ] رواه مسلم ، والنسائي في " اليوم والليلة " ، عن إسحاق بن منصور ، ورواه أبو داود ، عن محمد بن المثنى ، جميعا عن محمد بن جهضم ، فوقع لنا في الطريق الأولى بدلا عاليا بدرجتين ، وفي ثاني الطريق عاليا بدرجة واحدة ، هذا جميع ما له عندهم والله أعلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية