الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          2774 - (د س ق) : شمعون بن زيد بن خنافة ، أبو ريحانة .

                                                                          [ ص: 562 ] الأزدي ، حليف الأنصار ، ويقال له : مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويقال : شمغون - بالغين المعجمة - ، له صحبة .

                                                                          شهد فتح دمشق واتخذ بها دارا ، وسكن بعد ذلك بيت المقدس ، وكان يكون بمصر والشام ، وكان يرابط بعسقلان ، ويقال : إنه والد ريحانة سرية النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                          روى عن : النبي - صلى الله عليه وسلم - (د س ق) .

                                                                          روى عنه : شهر بن حوشب ، وعبادة بن نسي الكندي ، وكريب بن أبرهة ، ومجاهد بن جبر المكي ، وأبو الحصين الهيثم بن شفي الحجري (س) ، ويحيى بن حسان الفلسطيني ، وأبو صالح الأشعري ، وأبو عامر المعافري الحجري (د س) ، ويقال : عامر (ق) ، وأبو علي التجيبي (س) ، ويقال : أبو علي الجنبي (س) .

                                                                          قال أحمد بن عبد الله بن البرقي : أبو ريحانة الأزدي كان يسكن بيت المقدس ، له خمسة أحاديث .

                                                                          وذكره أبو سعيد بن يونس فيمن قدم مصر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ويقال في اسمه : شمغون - بالغين - وهو أصح عندي .

                                                                          [ ص: 563 ] وقال أبو بكر بن أبي مريم الغساني : حدثني ضمرة بن حبيب بن صهيب عن مولى لأبي ريحانة ، عن أبي ريحانة وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قفل من بعث غزا فيه ، فلما انصرف أتى أهله فتعشى من عشائه ، ثم دعا بوضوء فتوضأ منه ، ثم قام إلى مسجده ، فقرأ سورة ثم أخرى ، فلم يزل ذلك مكانه كلما فرغ من سورة افتتح أخرى ، حتى إذا أذن المؤذن من السحر شد عليه ثيابه فأتته امرأته ، فقالت : يا أبا ريحانة قد غزوت فتعبت في غزوتك ثم قدمت ألم يكن لي منك حظ ونصيب ، فقال : بلى والله ، ما خطرت لي على بال ، ولو ذكرتك لكان لك علي حق ، قالت : فما الذي شغلك يا أبا ريحانة ، قال : لم يزل يهوى قلبي في ما وصف الله في جنته من لباسها وأزواجها ولذاتها حتى سمعت المؤذن .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج بن قدامة ، وأبو الحسن ابن البخاري وغير واحد ، قالوا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب بن البناء ، قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني فذكره .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم ، قال : حدثنا حبيب بن عبيد أن أبا ريحانة كان مرابطا بالجزيرة بميا فارقين ، فاشترى رسنا من نبطي من أهلها بأفلس فقفل أبو ريحانة ولم يذكر الفلوس أن يدفعها إلى صاحبها حتى انتهى إلى عقبة الرستن - قال أبو بكر : وهي من حمص على مسيرة اثني عشر ميلا - فذكرها ، فقال لغلامه : هل دفعت إلى [ ص: 564 ] صاحب الرسن فلوسه ؟ قال : لا ، قال : فنزل عن دابته فاستخرج نفقة من نفقته فدفعها إلى غلامه ، وقال لأصحابه أحسنوا معاونته على دوابي حتى يبلغ أهلي ، قالوا : فما الذي تريد ؟ قال : أنصرف إلى بيعي حتى أدفع إليه فلوسه فأؤدي أمانتي ، فانصرف حتى أتى ميا فارقين ، فدفع الفلوس إلى صاحب الرسن ، ثم انصرف إلى أهله .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم ، قال : حدثني حبيب بن عبيد أن أبا ريحانة مر بحمص ، فسمع لأهلها ضوضاء شديدة ، فقال لأصحابه : ما هذه الضوضاء ؟ قالوا : أهل حمص يقسمون بينهم مساكنهم ، فرفع ضبعيه فلم يزل يدعو : اللهم لا تجعلها لهم فتنة إنك على كل شيء قدير ، فلم يزل على ذلك حتى انقطع عنهم صوتهم لا يدرون متى كف .

                                                                          وقال ضمرة بن ربيعة ، عن فروة الأعمى مولى سعد بن أمية ، ويقال ابن أبي أمية ، المقرئ : ركب أبو ريحانة البحر وكان يخيط فيه بإبرة معه فسقطت إبرته في البحر ، فقال : عزمت عليك يا رب إلا رددت علي إبرتي ، فظهرت حتى أخذها .

                                                                          قال : واشتد عليهم البحر ذات يوم وهاج ، فقال : اسكن أيها البحر ، فإنما أنت عبد حبشي ، قال : فسكن حتى صار كالزيت ! .

                                                                          روى له أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، أخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني وغير واحد ، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، قالت : أخبرنا أبو بكر بن [ ص: 565 ] ريذة ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم .

                                                                          (ح) قال الطبراني : وحدثنا أبو يزيد القراطيسي ، قال : حدثنا عبد الله بن عبد الحكم ، قالا : أخبرنا المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس ، عن أبي الحصين الهيثم بن شفي أنه سمعه يقول : خرجت أنا وصاحب لي يكنى أبا عامر رجل من المعافر لنصلي بإيلياء وكان قاصهم رجل من الأزد يقال له : أبو ريحانة من الصحابة ، قال أبو الحصين : فسبقني صاحبي إلى المسجد ثم أدركته فجلست إلى جنبه فسألني : هل أدركت قصص أبي ريحانة ؟ فقلت : لا ، فقال : سمعته يقول : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عشر : عن الوشر ، والوشم ، والشغار ، والنتف ، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار ، وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار ، وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرا مثلا الأعاجم أو يجعل على منكبيه حريرا مثل الأعاجم ، وركوب النمور ، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان ، وعن النهبى .

                                                                          رواه أبو داود عن يزيد بن خالد بن موهب الرملي ، عن المفضل بن فضالة ، نحوه ، فوقع لنا بدلا عاليا ، ورواه النسائي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن عن أبيه ، نحوه ، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين ، ومن وجوه أخر مختصرا ، ورواه ابن ماجه عن [ ص: 566 ] أبي بكر بن أبي شيبة ، عن زيد بن الحباب ، عن يحيى بن أيوب ، عن عياش بن عباس مختصرا .

                                                                          أخبرنا أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا القاضي أبو المكارم اللبان ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا مطلب بن شعيب ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا أبو شريح عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني عن أبي الصباح محمد بن شمير الرعيني ، عن أبي علي الهمداني ، عن أبي ريحانة أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ، قال : فأوينا ذات ليلة إلى شرف فأصابنا فيه برد شديد حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفيرة فيدخل فيها ويكفأ عليه بحجفته ، فلما رأى ذلك منهم ، قال : من يحرسنا في هذه الليلة فأدعو له بدعاء يصيب به فضلة : فقام رجل فقال : أنا يا رسول الله ، فقال : من أنت ؟ فقال : أنا فلان بن فلان الأنصاري ، قال : ادنه ، فدنا منه ، فأخذ ببعض ثيابه ثم استفتح بالدعاء له ، قال أبو ريحانة : فلما سمعت ما يدعو به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري ، قمت فقلت : أنا رجل ، فسألني كما سأله ، وقال : ادنه ، كما قال له ، ودعا لي بدعاء دون ما دعا به للأنصاري ، ثم قال : " حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله ، وحرمت النار على عين دمعت من خشية الله " ، وقال الثالثة فنسيتها ، قال أبو شريح بعد ذلك : " وحرمت النار على عين غضت عن محارم الله " .

                                                                          رواه النسائي عن الحارث بن مسكين عن ابن وهب ، عن [ ص: 567 ] عبد الرحمن بن شريح ، عن محمد بن شمير ، عن أبي علي الجنبي ، عن أبي ريحانة بالحديث دون القصة " حرمت النار . . . إلى آخره " فوقع لنا عاليا بدرجتين . ورواه أيضا عن عصمة بن الفضل ، عن زيد بن الحباب ، عن عبد الرحمن بن شريح ، عن محمد بن شمير ، عن أبي علي التجيبي ، عن أبي ريحانة بقوله : " حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله " ، فوقع لنا كذلك ، وهذا جميع ما له عندهم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية