الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          2789 - (خ د ق) : شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، واسمه عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري ، أبو عثمان الحجبي المكي ، حاجب الكعبة ، وأمه أم جميل واسمها هند بنت عمير بن هاشم بن عبد مناف ، أخت مصعب بن عمير ، وهو والد صفية بنت شيبة ، وابن عم عثمان بن طلحة بن أبي طلحة .

                                                                          ومن قال في نسبه : شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة فقد وهم ، فإن عثمان بن طلحة ابن عمه لا أبوه ، وهو جد بني شيبة حجبة الكعبة ، وأبو عثمان يعرف بالأوقص قتله علي ابن أبي طالب يوم أحد كافرا ، وأسلم شيبة بعد الفتح ، خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين وهو مشرك يريد اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - فقذف الله في قلبه الإسلام فأسلم وقاتل معه ، وكان ممن صبر معه يومئذ .

                                                                          روى عن : النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعن أبي بكر الصديق [ ص: 605 ] عبد الله بن أبي قحافة ، وابن عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة الحجبي ، وعمر بن الخطاب (خ د ق) .

                                                                          روى عنه : أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي (خ د ق) ، وعبد الرحمن بن الزجاج ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وابن ابنه مسافع بن عبد الله بن شيبة ، وابنه مصعب بن شيبة .

                                                                          قال محمد بن سعد في الطبقة الخامسة ممن أسلم بعد فتح مكة : شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري أسلم بعد الفتح وبقي حتى أدرك يزيد بن معاوية ، وهو أبو صفية بنت شيبة .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين وهو مشرك ، وكان يريد أن يغتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرأى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرة يوم حنين فأقبل يريده فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا شيبة هلم لك ، فقذف الله في قلبه الرعب ودنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على صدره ثم قال : اخس عنك الشيطان فأخذه إفكل وفزع ، وقذف الله في قلبه الإيمان ، فقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان ممن صبر معه ، وكان من خيار المسلمين ، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير بن العوام .

                                                                          وقال مصعب بن عبد الله الزبيري : دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - المفتاح إليه وإلى عثمان بن طلحة ، فقال : خذوها يا بني [ ص: 606 ] أبي طلحة خالدة تالدة لا يأخذها منكم إلا ظالم ، فبنو أبي طلحة هم الذين يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار .

                                                                          وقال محمد بن سعد ، عن هوذة بن خليفة ، عن عوف ، عن رجل من أهل المدينة : دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح شيبة بن عثمان ، فأعطاه المفتاح ، وقال : دونك هذا فأنت أمين الله على بيته ، قال محمد بن سعد : فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر ، فقال : هذا وهل ، إنما أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفتاح عثمان بن طلحة يوم الفتح وشيبة بن عثمان يومئذ لم يسلم وإنما أسلم بعد ذلك بحنين ولم يزل عثمان يلي فتح البيت إلى أن توفي ، فدفع ذلك إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن عمه فبقيت الحجابة في ولد شيبة .

                                                                          وقال عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة بن الزبير : كان العباس وشيبة بن عثمان آمنا ولم يهاجرا ، فأقام عباس على سقايته وشيبة على حجابته .

                                                                          قال الهيثم بن عدي ، وأبو الحسن المدائني ، وخليفة بن خياط ، وأحمد بن عبد الله ابن البرقي : مات سنة تسع وخمسين .

                                                                          وقد تقدم قول محمد بن سعد أنه بقي إلى خلافة يزيد بن معاوية ، فالله أعلم .

                                                                          [ ص: 607 ] روى له البخاري ، وأبو داود ، وابن ماجه حديثا واحدا ، وقد وقع لنا عاليا عنه .

                                                                          أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو عبد الله محمد بن معمر بن الفاخر ، وأبو جعفر الصيدلاني وغير واحد ، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا حفص بن عمر الرقي ، قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، قال : حدثنا سفيان عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، قال : جلست إلى شيبة بن عثمان في المسجد الحرام ، فقال لي : جلس إلي عمر مجلسك هذا ، فقال : لقد هممت أن لا أترك فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها - يعني الكعبة - قال شيبة : فقلت له : إنه كان لك صاحبان لم يفعلاه : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، قال : عمر هما المرآن أقتدي بهما " .

                                                                          رواه البخاري عن قبيصة بن عقبة ، فوافقناه فيه بعلو ، وأخرجه من وجهين آخرين عن سفيان الثوري ، وأخرجه أبو داود عن أحمد بن حنبل ، وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة كلاهما عن المحاربي ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن واصل ، فوقع لنا عاليا بدرجتين .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية