باب المهادنة مع المشركين.
قال الله سبحانه وتعالى: ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) .
2748 - أخبرنا أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، نا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا يحيى بن بكير، عن الليث، عقيل، عن أخبرني ابن شهاب، أنه سمع عروة بن الزبير، مروان، يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والمسور بن مخرمة، لما يومئذ سهيل بن عمرو كان فيما اشترط كاتب على النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، وخليت بيننا وبينه، فكره المؤمنون ذلك، وأبى سهيل بن عمرو سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فرد يومئذ أبا جندل إلى [ ص: 158 ] أبيه ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة، وإن كان مسلما، وجاءت المؤمنات مهاجرات، وكانت سهيل بن عمرو، فيمن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: ( أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن ) إلى قوله ( ولا هم يحلون لهن ) ، قال فأخبرتني عروة: عائشة يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ) إلى قوله ( غفور رحيم ) ، قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية: ( قالت عروة: فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد بايعتك، كلاما يكلمها به، والله عائشة: ما بايعهن إلا بقوله " ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، هذا حديث متفق على صحته.
وقال عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، المسور ، إنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس [ ص: 159 ] وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ولا إغلال . ومروان بن الحكم :
والعيبة المكفوفة : هي المشدودة بشرجها ، والعيبة هاهنا مثل ، والعرب تكني عن القلب والصدر بالعيبة ، لأن الرجل يضع في عيبته حر ثيابه ، شبهت الصدور بها ، لأنها مستودع السرائر ، ومعناه : أن بيننا صدورا سليمة ، وعقائد صحيحة في المحافظة على العهد الذي عقدناه ، وقيل : معناه أن الذحول التي كانت بينهم قد اصطلحوا عليها على أن لا ينشروها ، بل يتكافون عنها ، كأنهم قد جعلوها في وعاء ، فأشرجوا عليها .
والإسلال من السلة : وهي السرقة ، والإغلال : الخيانة ، يقال : أغل الرجل ، إذا خان إغلالا ، وغل في الغنيمة غلولا ، يقول : إن بعضنا يأمن بعضا ، فلا يتعرض لدمه ، ولا ماله سرا ولا جهرا .