الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3002 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح الكعبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا، أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان [ ص: 337 ] بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل أن يثوي عنده حتى يخرجه".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن إسماعيل، عن مالك، وأخرجه عبد الله بن يوسف، عن الليث، وأخرجه مسلم، عن قتيبة، عن الليث، عن سعيد المقبري.

                                                                            قوله : " جائزته يوم وليلة " ، سئل عن ذلك مالك بن أنس ، فقال : يكرمه ويتحفه يوما وليلة .

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي : يريد أن يتكلف له في اليوم الأول بما اتسع له من بر وإلطاف ، ويقدم له في اليوم الثاني والثالث ما كان بحضرته ، ولا يزيد على عادته ، وما كان بعد الثلاث ، فهو صدقة ، ومعروف ، إن شاء فعل ، وإن شاء ترك .

                                                                            قلت : قد صح عن عبد الحميد بن جعفر ، عن سعيد المقبري ، عن أبي شريح ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة " .

                                                                            قال الإمام : فهذا يدل على أن الجائزة بعد الضيافة ، وهي أن يعطيه [ ص: 338 ] ما يجوز به مسافة يوم وليلة ، والجيزة قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل .

                                                                            وقوله : " ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه " ، ويروى : " أن يقيم عنده حتى يؤثمه " ، يريد أنه لا يحل للضيف أن يقيم بعد الثلاث من نزل به من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره ، وأصل الحرج : الضيق .

                                                                            قوله : " حتى يؤثمه " ، يقال : آثمه بالمد : إذا أوقعه بالإثم ، وأثمه بالتشديد ، قال له : أثمت .

                                                                            فإن حبسه عذر من مطر ، أو علة ، أنفق من مال نفسه .

                                                                            ولو أن رجلا خاف أمرا ، فأوى إلى رجل ، فهو ضيف ، عليه إيواؤه وإكرامه إن لم يكن أحدث حدثا ، فإنه جاء في الحديث : " من أحدث حدثا ، أو آوى محدثا ، فعليه لعنة الله " .

                                                                            قال جابر بن عبد الله : هلاك الرجل أن يدخل عليه الرجل من إخوانه ، فيحتقر ما في بيته أن يقدمه إليه ، وهلاك القوم أن يحتقروا ما قدم إليهم .

                                                                            وكان سلمان إذا دخل عليه رجل ، فدعا بما حضر خبزا وملحا ، وقال : لولا أنا نهينا أن يتكلف بعضنا لبعض ، لتكلفت لك ، وقيل للأوزاعي : ما إكرام الضيف ؟ قال : بشاشة الوجه . [ ص: 339 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية