الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب المضطر إلى الميتة .

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم ) ، قوله : ( غير باغ ) ، قيل : معناه لا يبغي ، فيأكله غير مضطر إليه ، ( ولا عاد ) ، أي : لا يعدو شبعه .

                                                                            وقيل : ( غير باغ ) ، أي : لا يتجاوز القدر الذي أبيح له ، ( ولا عاد ) ، أي : لا يقصر عنه ، فلا يأكل .

                                                                            وقيل : ( غير باغ ) ، أي : غير طالبها وهو يجد غيرها ، ( ولا عاد ) ، أي : غير متعد [ ص: 344 ] ما حد له .

                                                                            وقيل : ( غير باغ ) ، أي : غير ظالم بتحليل ما حرم الله سبحانه وتعالى ، ( ولا عاد ) ، أي : غير مجاوز القصد .

                                                                            وقيل : ( غير باغ ) أي : غير خارج عن السلطان ، أو قاطع للطريق ، فإن خرج لمعصية لفساد في الأرض ، أو لقطع طريق ، فاضطر إلى ميتة لا يحل له تناولها ، وهو قول مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وإليه ذهب الشافعي ، ولم يجوز الترخص لأحد خرج لسفر معصية ، وجوز أصحاب الرأي الترخص للعاصي بسفره ، وقالوا : البغي والعدوان راجعان إلى الأكل .

                                                                            وقال الله سبحانه وتعالى : ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ) ، والمخمصة : المجاعة ، لأن البطن يضمر بها ، قوله : ( غير متجانف لإثم ) ، أي : غير مائل إلى حرام ، ويقال للمائل : أجنف ، ومنه قوله سبحانه وتعالى : ( فمن خاف من موص جنفا ) قال مسروق : من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير ، فلم يأكل ولم يشرب حتى يموت ، دخل النار .

                                                                            قال معمر : ولم أسمع في الخمر رخصة ، قال [ ص: 345 ] الزهري : لا يحل شرب أبوال الناس لشدة تنزل به ، لأنه رجس ، قال الله سبحانه وتعالى : ( أحل لكم الطيبات ) .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية