الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب المهادنة مع المشركين.

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) .

                                                                            2748 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا يحيى بن بكير، نا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني عروة بن الزبير، أنه سمع مروان، والمسور بن مخرمة، يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، وخليت بيننا وبينه، فكره المؤمنون ذلك، وأبى سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فرد يومئذ أبا جندل إلى [ ص: 158 ] أبيه سهيل بن عمرو، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة، وإن كان مسلما، وجاءت المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط فيمن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: ( إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن ) إلى قوله ( ولا هم يحلون لهن ) ، قال عروة: فأخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية: ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ) إلى قوله ( غفور رحيم ) ، قال عروة: قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد بايعتك، كلاما يكلمها به، والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما بايعهن إلا بقوله " هذا حديث متفق على صحته.

                                                                            وقال ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن المسور ، ومروان بن الحكم : إنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس [ ص: 159 ] وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ولا إغلال .

                                                                            والعيبة المكفوفة : هي المشدودة بشرجها ، والعيبة هاهنا مثل ، والعرب تكني عن القلب والصدر بالعيبة ، لأن الرجل يضع في عيبته حر ثيابه ، شبهت الصدور بها ، لأنها مستودع السرائر ، ومعناه : أن بيننا صدورا سليمة ، وعقائد صحيحة في المحافظة على العهد الذي عقدناه ، وقيل : معناه أن الذحول التي كانت بينهم قد اصطلحوا عليها على أن لا ينشروها ، بل يتكافون عنها ، كأنهم قد جعلوها في وعاء ، فأشرجوا عليها .

                                                                            والإسلال من السلة : وهي السرقة ، والإغلال : الخيانة ، يقال : أغل الرجل ، إذا خان إغلالا ، وغل في الغنيمة غلولا ، يقول : إن بعضنا يأمن بعضا ، فلا يتعرض لدمه ، ولا ماله سرا ولا جهرا .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية