الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2741 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله [ ص: 143 ] النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا يحيى بن بكير، نا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث ما تركنا صدقة"، إنما يأكل آل محمد في هذا المال، وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن محمد بن رافع، عن حجين، عن ليث.

                                                                            وقال صالح عن ابن شهاب : فأبى أبو بكر عليها ذلك ، وقال : لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، إني [ ص: 144 ] أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ .

                                                                            فأما صدقته بالمدينة ، فدفعها عمر إلى علي وعباس ، فغلبه عليها علي ، وأما خيبر وفدك ، فأمسكها عمر ، وقال : هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهما إلى من ولي الأمر .

                                                                            قال : فهما على ذلك اليوم .

                                                                            وروي عن سهل بن أبي حثمة ، قال : " قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين ، نصفا لنوائبه وحاجاته ، ونصفا بين المسلمين ، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما " .

                                                                            قال الإمام : روي أن الجيش كانوا ألفا وخمس مائة ، فيهم ثلاث مائة فارس ، فأعطى الفارس سهمين ، والراجل سهما ، وقيل : هو وهم إنما كانوا مائتي فارس ، فكان للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهم ، وإنما صارت خيبر نصفين بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الجيش ، لأنها قرى كثيرة ، فتح بعضها عنوة ، فكان للنبي صلى الله عليه وسلم منها خمس الخمس ، وفتح بعضها صلحا ، فكان فيئا خالصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعه حيث أراه الله من حاجته ونوائبه ، ومصالح المسلمين ، فاستوت القسمة فيها على المناصفة .

                                                                            وروي عن بشير بن يسار ، عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر ، قسمها إلى ستة وثلاثين سهما ، جمع كل سهم مائة سهم ، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهما ، النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 145 ] معهم له سهم كسهم أحدهم ، وعزل ثمانية عشر سهما ، وهو الشطر لنوائبه وما ينزل من أمر المسلمين ، فكان ذلك الكتيبة ، والوطيحة ، والسلاليم وتوابعها .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية