الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر سهم ذي القربى

                                                                                                                                                                              وذكر الدليل على أن الله - جل ثناؤه - أراد بقوله:

                                                                                                                                                                              ( ولذي القربى ) بعض قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون بعض .

                                                                                                                                                                              6090 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا ( هشيم ) ، قال: أخبرني محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم قال: لما كان يوم خيبر وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى في بني هاشم، وبني المطلب، وترك بني نوفل، وبني عبد شمس، فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، إنما نحن وهم شيء واحد وشبك بين أصابعه" .

                                                                                                                                                                              6091 - حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا ابن شعيب، حدثنا أبي، عن [ ص: 100 ] يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي، أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره، أن أباه ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس : ائتيا رسول الله فقولا له: قد بلغنا من السن ما ترى وأحببنا أن نتزوج، وأنت يا رسول الله أبر الناس وأوصلهم، وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا، فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات فلنؤد إليك ما يؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من رفق، قال: فأتى علي بن أبي طالب ونحن على تلك الحال فقال لنا: والله لا يستعمل أحدا منكم على الصدقة، فقال ربيعة بن الحارث: هذا من حسدك وبغيك، وقد نلت صهر رسول الله فما حسدناك، فألقى رداءه ثم اضطجع عليه ثم قال: أنا أبو حسن القوم والله لا أريم من مكاني حتى يرجع إليكما ابناكما بجواب ما بعثتما به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              قال عبد المطلب : فانطلقت أنا والفضل حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت فصلينا مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش، فقمنا بالباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأذني وأذن الفضل ثم قال: " أخرجا ما تصدران، ثم دخل فأذن لي والفضل، فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلا ثم كلمته، أو كلمه الفضل - شك في ذلك عبد الله - قال: فكلمناه بالذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع بصره قبل سقف البيت حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئا، وحتى رأينا زينب [ ص: 101 ] تلمع من وراء الحجاب تريد أن لا تعجلا، أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرنا، ثم خفض رأسه فقال لنا: "إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، ادعو لي نوفل بن الحارث" . فدعي له نوفل، فقال: "يا نوفل أنكح عبد المطلب" فأنكحني، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادعوا لي محمية بن جزء" - وهو رجل من بني زبيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا محمية! أنكح الفضل" ، فأنكحه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا"، لم يسمه لي عبد الحارث"
                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                              6092 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا حجاج بن منهال قال: حدثنا عبد الله بن عمر النميري، عن يونس بن يزيد الأيلي قال: سمعت الزهري يحدث، عن يزيد بن هرمز، أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ويقول: لمن تراه؟ فقال ابن عباس : هو لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا، فرددناه عليه وأبينا أن نقبله، وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم، وأن يقضي عن غارمهم، وأن يعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك . [ ص: 102 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية