الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الفرسين يكونان مع الفارس الواحد أو أكثر من فرسين

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا حضر معه بأفراس في أرض العدو، وأن سهمه وسهم فرس واحد يجب .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في إعطاء الفارس لأكثر من سهم فرس واحد

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لا يسهم لأكثر من فرس واحد، لا يسهم إلا لفرس.

                                                                                                                                                                              كذلك قال مالك بن أنس، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، ويعقوب، وروينا ذلك عن عمر بن عبد العزيز .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يسهم للفرسين لا يسهم لأكثر منهما، هذا قول سفيان الثوري والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وقد روينا هذا القول عن علي، وقد ذكرنا إسناده فيما مضى .

                                                                                                                                                                              وقال أبو إسحاق السبيعي : أسهم لي ولهانئ بن هانئ في إمارة سعيد بن عثمان لفرسين أربعة أسهم، ولهانئ بن هانئ مثل ذلك، وهذا قول الحسن البصري، ومكحول، وقال مكحول : لا يسهم إلا لفرسين . [ ص: 162 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ومن حجة من يقول بالقول الأول أنهم لما أجمعوا على أن سهم فرس واحد يجب مع ثبوت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أوجب ذلك، وجب اتباع ذلك، والعمل به، إذ مع من قال ذلك سنة، وإجماع، (ويجب) الوقوف (عن) أن يسهم لأكثر من فرس واحد، وذلك أنه لا يكون مقاتلا أبدا في حال إلا على فرس واحد، ولو جاز أن يسهم لأكثر من فرس، جاز أن يسهم لثلاث وأربع، وصار ذلك إلى أن يسهم لمن معه الخيل الكثيرة على قدر خيله، ومن خالف هذا القول لا يقول ذلك .

                                                                                                                                                                              ومن حجة من رأى أن يسهم لفرسين ولا يسهم لأكثر من ذلك حديث ابن عمر، وقد تكلم في إسناده .

                                                                                                                                                                              6151 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن الزبير حضر بأفراس يوم خيبر، فلم يسهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لفرسين . [ ص: 163 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد اختلف في هذا الخبر .

                                                                                                                                                                              6152 - حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني أبو بشر، حدثنا أبو عاصم، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن الزبير وافى بأفراس فلم يسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لفرس واحد .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وهذا الخبر معارض للخبر قبله، ولو لم يختلف في هذا لم يقم بالحديث حجة; لأن عبد الله بن عمر تكلم في حفظه .

                                                                                                                                                                              وحدثني محمد بن عيسى الهاشمي، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: كان يحيى القطان لا يحدث عن عبد الله بن عمر، وحكى غيره عن يحيى القطان أنه كان يضعفه.

                                                                                                                                                                              وحدثني أبو بكر بن إسماعيل، حدثنا حمدان بن علي الوراق، قال: سألت أحمد عن العمري، كيف حديثه؟ فضعفه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإذا لم يكن في هذا الباب خبر يعتمد عليه، وجب القول بما قاله مالك، والشافعي، والله أعلم .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن سليمان بن موسى أنه قال غير ذلك قال: إن أدرب الرجل بأفراس كان لكل فرس سهمان، قلت: وإن قاتل عليها؟ قال: نعم . [ ص: 164 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فإن كان أراد بقوله: أفراس، فرسان فهو كقول الثوري، والأوزاعي، وإن أراد أكثر من ذلك، فهو قول شاذ، لا يوافق عليه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية