الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ما يصالح عليه الإمام أهل الذمة قبل محاربتهم

                                                                                                                                                                              6299 - أخبرنا حاتم بن منصور، أن الحميدي، حدثهم قال: حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، ومعمر بن راشد، عن ابن شهاب، أنه سمع مالك بن أوس بن الحدثان، يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: " إن أموال بني النضير كانت مما أفاء الله على رسوله، مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل، ولا ركاب، فكانت لرسول الله خالصا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله منه نفقة سنة، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله - ، وكان سفيان ربما قال في هذا الحديث: يحبس نفقة سنة .

                                                                                                                                                                              6300 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري، قال أرسل إلي عمر بن الخطاب، فقال: " إنه قد حضر أهل أبيات من قومك، وإنا قد أمرنا لهم برضخ، فاقسم بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين! مر بذلك غيري، قال: اقبضه أيها المرء .

                                                                                                                                                                              قال: فبينما أنا كذلك، إذ جاءه مولاه يرفأ، فقال: هذا عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام [ ص: 369 ] - قال: ولا أدري ذكر طلحة أم لا؟ - يستأذنون عليك، قال: ائذن لهم .

                                                                                                                                                                              قال: ثم مكث ساعة، ثم جاء فقال: هذا العباس، وعلي يستأذنان عليك، قال: ائذن لهما، فلما دخل العباس، قال: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، وهما حينئذ يتخاصمان فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير، فقال القوم: اقض بينهما يا أمير المؤمنين، وأرح كل واحد منهما من صاحبه، فقد طالت خصومتهما .

                                                                                                                                                                              فقال عمر: أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض، تعلمون أن (رسول الله) صلى الله عليه وسلم، قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة" .

                                                                                                                                                                              قالوا: قد قال ذاك، ثم قال لهما مثل ذلك، فقالا: نعم، فقال: إنى سأخبركم عن هذا الفيء، إن الله خص نبيه منه بشيء لم يعط غيره، فقال: ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) ، فكانت هذه لرسول الله خاصة، ثم قال: والله ما اختارها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، لقد قسمها الله بينكم، وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان ينفق على أهله منه سنة، - وربما قال: يحبس قوت أهله منه سنة - ، ثم يجعل ما بقي مجعل مال الله، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله بعده، وأعمل فيها ما كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ثم أقبل على العباس، فقال: وأنتما تزعمان أنه كان فيها ظالما، فاجرا، والله يعلم أنه فيها صادق، بار، [ ص: 370 ] تابع للحق، ثم وليتها بعد أبي بكر سنتين من إمارتي، فعملت فيها ما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وأنتما تزعمان أني فيها ظالم، فاجر، والله يعلم أني فيها صادق، تابع للحق، ثم جئتماني، جاءني هذا - يعني العباس - ، يسألني ميراثه من ابن أخيه، وجاءني هذا - يعني عليا - ، يسألني ميراث امرأته من أبيها، فقلت لكما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة "، ثم بدا لي أن أدفعها إليكما، فأخذت عليكما عهد الله وميثاقه، لتعملان فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وأبو بكر، وأنا ما وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا على ذلك، أتريدان مني قضاء غير هذا، والذي بإذنه تقوم السموات والأرض، لا أقضي فيها بينكما بقضاء غير هذا، إن كنتما عجزتما عنها [فادفعاها] إلي، قال: فغلبه علي عليها، فكانت بيد علي: ثم بيد حسن، ثم بيد حسين، ثم بيد علي بن حسين، ثم بيد حسن [بن] حسين، ثم بيد زيد بن حسن، قال معمر: ثم بيد عبد الله بن حسن، ثم أخذها هؤلاء، - يعني بني العباس
                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية